به يبلغ مرتبة الفعلية، فيلزم اجتماع الحكمين الفعليين، وإن كان إنشاء لغير داعي جعل الداعي من سائر الدواعي فهو مصداق لذلك الداعي، فالإنشاء بداعي الإرشاد إرشاد وبداعي الامتحان امتحان، ويستحيل أن ينقلب عما هو عليه، فيصير بعثا حقيقيا وحكما فعليا، فالإنشاء المزبور ليس من مراتب الحكم الحقيقي حتى يندرج تحت عنوان أخذ القطع بمرتبة من الحكم في مرتبة أخرى منه، أو في مرتبة أخرى من مثله أو من ضده.
فإن قلت: هذا إذا أريد من المرتبة مرتبة الإنشاء، وأما إذا أريد مرتبة الاقتضاء فلا محذور فيها، لأن القطع بالمقتضي لا يستدعي فعلية مقتضاه، بل يمكن أن يكون المقتضي المقطوع به فاقد الشرط أو واجد المانع، بخلاف المقتضي للحكم المماثل، لإمكان فقدانه للمانع ووجدانه للشرط.
قلت: المقتضي بمعنى السبب الفاعلي كذلك لثبوت مقتضاه في مرتبة ذاته فيتعدد المقتضى بتعدد المقتضي، ولكل تعين في مرتبة مقتضيه بتعين المقتضي، بخلاف المقتضي بمعنى الغاية الداعية فإن المدعو إليه لا ثبوت له في مرتبة ذات غايته، بل الغاية أثر لذيها لا العكس، وإذ لا ثبوت له في مرتبة الغاية فلا تعين له بتعين الغاية كي يتعدد ذو الغاية بتعدد الغاية، فلا معنى لأن يقال إن الحكم الفعلي المعلول لعلة غائية مماثل لما لا تعين له في مرتبة الغاية الغير الداعية بالفعل، بل لا مدفع للإشكال.
إلا أن يقال إن الإنشاء بداعي جعل الداعي المقطوع به يمكن أن يكون منوطا شرعا بأمر غير حاصل، فلا يبلغه إلى مرتبة الفعلية، بخلاف الحكم الفعلي المماثل فإن مجرد القطع بالإنشاء المزبور سبب تام له، فلا يلزم اجتماع المثلين فتدبر.
30 - قوله: يمكن أن يكون الحكم فعليا بمعنى أنه لو تعلق به القطع على ما هو عليه (1) إلخ:
تحقيق المقام أن حقيقة الحكم إن كانت عبارة عن الإرادة والكراهة فلا يكاد