الحجتين بحسب مدلولهما لا بين النقلين لحجتين ذاتيتين إلا أن هذا المقدار من الفرق غير فارق، لاشتراك النقلين في عدم تعمد الكذب، كما أنهما مشتركان في عدم إمكان واقعية الحكمين الواقعيين في الأول وعدم إمكان واقعية الحكمين المماثلين الفعليين في الثاني، وتمامية المقتضى في مقام الاثبات بالإضافة إلى الحجتين لا تنافى التعارض كما في الخبرين الذين يعمهما دليل الحجية في نفسه، فتدبر جيدا.
90 - قوله: لكن نقل الفتاوى على الاجمال الخ:
ليس الوجه في عدم الصلاحية لكونهما سببا أو جزء سبب كونهما متعارضين بالعرض فلا أثر لهما فإنه غير مختص بما إذا نقلت الفتاوى على الاجمال، بل إذا نقلت على التفصيل لا يعقل ذلك، كما إذا نقلت فتاوى جماعة يستلزم عادة القطع برأي الإمام (ع)، ونقلت فتاوى جماعة آخرين كذلك، فإنهما متنافيان من حيث السببية للقطع برأي الإمام (ع)، بل الظاهر أن نقلي الفتاوى على الاجمال على طرفي النقيض في نفسهما متنافيان، فان الظاهر من الاجماع اتفاق الكل على الحكمين خلاف الواقع، فأحدهما كاذب بحسب الواقع فلا يصلح لأن يكون كاشفا عن رأى الإمام (ع) أو عن حجة معتبرة ولا يمكن أن يكون الكاذب جزء السبب أيضا.
نعم، إذا كان الاتفاق المنقول مفصلا أمكن أن يكون ذا خصوصية في نظر المنقول إليه لجلالة المفتين وعلو قدرهم علما وعملا بالإضافة إلى الآخرين المنقولة فتاوهم مفصلة في نقل اخر، وأما مع الاجمال وعدم تعين الاشخاص فلا سبيل إلى إحراز هذه المزية.
ويمكن أن يقال إن موارد اطلاق الاجماع مختلفة، فإذا كان في مقام تحرير الوفاق والخلاف في المسألة فدعوى الاجماع ظاهرة في الاتفاق التام الذي لا خلاف فيه فيكون النقلان متعارضين، وإذا كان في مقام الاستدلال فلا يراد من الاجماع إلا المقدار الكاشف عن حجة معتبرة، وصدقهما من حيث وجود الكاشف في الطرفين بمكان من الامكان.