من رسوم العبودية أن لا يخالف التكليف الواقعي - كذلك لا يمكن أن يكون بوجوده الواقعي دخيلا في تحقق الهتك والظلم، بل الموضوع لحكم العقل ما هو الحاضر عنده في وعاء وجدانه، فنفس الحركة على خلاف ما أحرز أنه مبغوض مولاه بما هو محرز في موطن الوجدان هو الموضوع لحكم العقل، فتدبر جيدا.
11 - قوله: مع بقاء الفعل المتجرى به (1) إلخ:
قد عرفت حال الفعل من حيث عنوان هتك الحرمة ونحوه.
وأما من حيث وقوع التزاحم بين الجهة الواقعية والجهة الطارئة كما عليه في الفصول (2) فتحقيق القول فيه أن التزاحم بين الجهتين، تارة من حيث إنهما ملاكان لحكمين مولويين، وأخرى من حيث إنهما ملاكان للحسن والقبح العقليين بمعنى استحقاق المدح والذم.
وأما إذا كان إحديهما ملاكا للحكم المولوي والأخرى للمدح والذم فلا تزاحم بينهما، حيث لا منافاة بين الوجوب الواقعي واستحقاق الذم على فعله، لدخوله تحت عنوان قبيح بالذات، ولا بين الحرمة الواقعية واستحقاق المدح على فعله، لدخوله تحت عنوان حسن بالذات، ولا تكون ملاكات الحسن والقبح بهذا المعنى مناطات للأحكام المولوية حتى يتحقق التزاحم بالواسطة، وذلك لأن الحكم المولوي لا يصلح للدعوة إلا باعتبار ما يترتب على موافقته ومخالفته من المثوبة والعقوبة عقلا، ومع حكم العقل باستحقاق المدح والثواب أو الذم والعقاب، لا يبقى مجال لإعمال المولوية بالبعث والزجر، ومنه تعرف عدم المزاحمة بين جهة التجري التي هي ملاك استحقاق العقاب، والجهة التي هي مناط الوجود المولوي، وأما إذا فرض الملاكان من سنخ واحد.
فإن كانا ملاكين للمدح والذم، فمن البين أن ملاك التجري والانقياد إنما يؤثر، لعدم صلاحية الجهة الواقعية للتأثير في خلافه، لأن الحسن والقبح من صفات الأفعال الاختيارية، فما لم يصدر بعنوانه المؤثر في حسنه أو قبحه بالاختيار لا