لا يوجب دخولها في المظنونات، كيف والمظنونات يقابلها في التقسيم، بل الفرق بين هذه المشهورات المتوافقة عليها آراء العقلاء والبرهانيات الضرورية انها أي الضروريات تفيد تصديقا جازما مع المطابقة لما في الواقع وهو المعبر عنه بالحق واليقين، بخلاف هذا القسم من المشهورات فإنها تفيد تصديقا جازما ولا يعتبره مطابقتها لما في الواقع بل يعبر مطابقتها لتوافق آراء العقلاء، فافهم ولا تغفل. ومما ذكرنا في تحرير محل النزاع تعرف أن ثبوت العلاقة اللزومية بين الافعال الحسنة والأعمال القبيحة والصور الملائمة والمنافرة في الآخرة كما يكشف عنها الكشف الصحيح والنص الصريح خارج عن محل النزاع، فان الكلام في التحسين والتقبيح بمعنى استحقاق المدح والذم عند العقلاء المشترك بين مولى الموالى وسائر الموالى، فالايراد على الأشاعرة بثبوت العلاقة اللزومية على النهج المزبور عن المحقق المذكور (1) خارج عن محل الكلام ومورد النقض والابرام، وإن كان صحيحا في باب اجراء الثواب والعقاب بل في باب الاستحقاق والاقتضاء بالتأمل أيضا، لكنه بمعنى آخر من الاستحقاق.
وأما ما عن شيخنا العلامة - رفع الله مقامه - في فوائده (2) في تقريب عقلية الحسن والقبح من أن الافعال بذواتها أو بخصوصياتها متفاوتة سعة وضيقا كمالا ونقصانا بالإضافة إلى القوى.
ومنها القوة العاقلة فإنه يلائمها بعض الأفعال فيعجبها أو منافرة لها فيغربها، وأن انبساطها وانقباضها أمر وجداني وهما بالضرورة يوجبان صحة المدح والقدح في الفاعل إذا كان مختارا على تفصيل ذكره - قده - فمورد المناقشة من وجهين:
أحدهما: ما أفاده - قده - من الالتذاذ والتألم والاستعجاب والاستغراب للقوة العاقلة على حد سائر القوى كيف وهي رئيسها، وذلك لما مر منا من أن القوة العاقلة لا شأن لها إلا إدراك المعاني الكلية، والتذاذ كل قوة وتألمها إنما يكون بادراك ما يناسب المدرك أو يضاده، مثلا التذاذ الحواس الظاهرة بتكيف الحاسة