المقصود تطبيق الكلية على المورد أيضا فلذا طبق كلي المفسدة على خصوص مفسدة المورد وهي إصابة القوم بجهالة، والله أعلم.
ومرجع هذا الجواب إلى أن المراد هي الجهالة العملية دون الحقيقية النفسانية كما في قوله تعالى: ﴿أعظك أن تكون من الجاهلين﴾ (1) وقوله تعالى (يعملون السوء بجهالة) (2) إلى غير ذلك إلا أن كون العمل بخبر العادل من زي أرباب البصيرة والعمل بخبر الفاسق من زي أرباب الجهالة ليس بمجرد كون الفاسق لا يبالي بالكذب دون العادل، فان الاعتماد على ما ليس بحجة ليس من زي أرباب البصيرة وإنما يكون العمل بخبر العادل مع قطع النظر عن هذه الآية من شأن أرباب البصيرة، لبناء العقلاء على العمل بخبر من يوثق به، فالآية حينئذ مبنية على حجية خبر العادل وكاشفة عنها لا أنها مبنية للحجية وجاعلة لها كما هو المقصود هنا.
وربما يجاب (3) بان العلة ليس مطلق الجهالة بل جهالة خاصة توجب الندامة وهي مخصوصة بخبر الفاسق، وأما العمل بخبر العادل فعلى فرض المخالفة للواقع يوجب المعذورية لا الندامة، وجوابه ما مر انفا، من أنه مع قطع النظر عن الحجية كلاهما يوجب الندم فالآية مبنية على الحجية الموجبة للمعذورية لا متكفلة لها، وأما الجواب عن التعليل بحكومة المفهوم الموجب لحجية خبر العادل وانه محرز للواقع اعتبارا فالجهالة وإن كانت بمعنى عدم العلم إلا أنها منزلة منزلة العدم بمقتضى المفهوم، فمندفع بان حكومة سائر الأدلة على هذا التعليل المشترك وجيهة.
وأما حكومة المفهوم المعلل منطوقه بنحو يمنع عن اقتضاء المفهوم المثبت لحجية خبر العادل حتى يرتفع به الجهالة تنزيلا فهو دور واضح، فتدبر جيدا.