هو مقتضى التحقيق، لاستحالة الانفكاك بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية، كان الظن بمؤدى الطريق ظنا بحكم غير فعلى، فيكون كالظن بالواقع، لوضوح أن الحكم الطريقي كالحكم الحقيقي لا بد في فعليته وترتب الأثر المترقب منه من وصوله علما أو علميا، ومع فرض انحلال العلم يكون التكليف الطريقي بلا وصول علمي، فكيف يكون موصلا للواقع ومبلغا له إلى مرتبة الفعلية.
أما الأمر الأول: فهو صحيح لأن قيام الحجة على بعض أطراف العلم الاجمالي بمقدار المعلوم إجمالا يوجب الانحلال، كما حقق في محله، ولا فرق في وصول الحجة بين العلم التفصيلي بقيامها على بعض الأطراف، والعلم الاجمالي بقيامها، كما لا فرق في وصول التكليف الواقعي بين العلمين، وهذا هو الفارق بين ما نحن فيه وبين ما تقدم في الدليل العقلي على حجية الخبر، حيث إن العلم الاجمالي بصدور أخبار كثيرة ليس علما إجماليا بوجود الحجة الشرعية، بل علم إجمالي بصدور تكاليف واقعية من الإمام (ع)، ونسبة العلم الإجمالي بكلية التكاليف ونسبة العلم الإجمالي بخصوص هذه التكاليف على حد سواء فلا معنى لكون هذا العلم الاجمالي منجزا لها دون العلم الاجمالي الكبير، فلا يكون العلم الاجمالي الصغير موجبا لانحلال العلم الاجمالي الكبير.
وأما الأمر الثاني: فهو غير صحيح، لما مر من استحالة الانفكاك بين وجوب الموافقة وحرمة المخالفة، فمع عدم وجوب الاحتياط ينحل هذا العلم الاجمالي الصغير، ولا محالة ينحل العلم الاجمالي الكبير من ناحية العلم الاجمالي الصغير وإن كان ينحل بالوجه المشترك بينهما، وهو عدم الانفكاك بين وجوب الموافقة وحرمة المخالفة.
وقد عرفت سابقا انتهاء الأمر إلى حجية الظن من باب الكشف وسيجيئ انشاء الله تعالى أنه لا فرق حينئذ بين الظن بالواقع والظن بالطريق من حيث كون كل منهما موجبا لفعلية الحكم الواقعي والحكم الطريقي، فتدبر جيدا.
وأما ما أفاده شيخنا الأستاذ العلامة - رفع الله مقامه - من وجوه الايراد