الفعلية بين الوصول التفصيلي والإجمالي، ومع كفاية هذا المقدار من الوصول عقلا في تحقق البعث والزجر فلا يعقل بعث آخر أو زجر آخر وترخيص على خلاف الحكم الواصل.
وأما ما أفاده شيخنا العلامة - قده - في البحث (1) وأشار إليه في أوائل هذه المباحث في تقريب الفعلي من وجه والفعلي بقول مطلق، بأن الغرض من التكليف تارة، يكون بحد يوجب قيام للمولى مقام البعث وإيصاله إلى المكلف ولو بنصب طريق موافق أو إيجاب الاحتياط، فمثله لا يجوز الترخيص في خلافه، فإنه نقض للغرض وأخرى، لا يكون بذلك الحد بل بحيث إذا وصل من باب الاتفاق لتنجز وكان سببا لتحصيل الغرض من المكلف، فمثله يجوز الترخيص في خلافه وسد باب وصوله، وأدلة الأصول الشاملة لموارد العلم الإجمالي كاشفة عن أن الغرض من سنخ الثاني وليس مثلها في مورد العلم التفصيلي فمندفع:
أما أولا: فبأن هذا التفصيل إنما يجدي في دفع شبهة نقض الغرض من التعبد بالظن وغيره على خلاف الواقع، كما سيجيئ إنشاء الله تعالى في محله، لا في مقام دفع المنافاة بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري من حيث نفسهما والكلام في الثاني.
وأما ثانيا: فإنه يجدي في الحكم على خلاف الحكم الواقعي لا على خلاف الحكم الواصل من باب الاتفاق مع حكم العقل بعدم الفرق بين أنحاء الوصول.
وأما ثالثا: فبأنه يجدي في عدم لزوم نقض الغرض من المكلف به، لا في عدم لزوم نقض الغرض من نفس التكليف، فإن الغرض من نفس التكليف في جميع الموارد سنخ واحد، ومن البين أن الغرض من نفس التكليف جعل الداعي والباعث فعلا. والترخيص الفعلي نقض لهذا الغرض، ومن جميع ما ذكرنا تبين عدم انحفاظ المرتبة رأسا بين الغرض من الحكمين وبين نفس الحكمين وبين آثارهما، فهما متنافيان نفسا ومن حيث المبدء والمنتهى.