أيضا مرتبة متأخرة عن مرتبة الانشاء.
وثالثة: كما في المتن (1) بان التمسك بالاطلاق واستكشاف المراد الجدي من الخطاب فرع صحته وامكانه في نفسه مع أن صحته وامكانه بدون ابتلاء أو بدون هذا المقدار من الابتلاء مشكوك فلا تصل النوبة إلى استكشاف المراد الجدي المترتب على معقوليته في نفسه من إطلاق الخطاب.
أقول: أما عدم التمسك بالاطلاق بناء على الوجه الأول فصحيح حتى فيما إذا كان جعل العقاب من الشارع، فان النافع عليه اطلاق الدليل المتكفل لجعل العقاب على مخالفة التكليف لصورة خروج مورده عن الابتلاء دون الدليل المتكفل لأصل التكليف، إلا أن قيدية الابتلاء للتنجز غير معقولة في حد ذاتها إذ فرض استحقاق العقاب على المخالفة فرض الابتلاء فكيف يعقل اطلاقه وتقييده. وأما عدم التمسك على الوجه الثاني فمختصر القول فيه أن مرتبة البعث والزجر الفعليين وإن كانت غير مرتبة الانشاء إلا أن القيود المأخوذة في مقام الانشاء بداعي جعل الداعي قيد في الحقيقة لصيرورته مصداقا لجعل الداعي دائما، وإلا فالانشاء حاصل وكيف يعقل إناطته بأمر غير حاصل، فكون الانشاء بداعي جعل الداعي تام الاقتضاء وفعليا من قبل المولى انما يستكشف بتجرده عن القيد في مقام الانشاء بداعي جعل الداعي.
وأما الانشاء بلا داع فهو محال في نفسه، كما أن الانشاء بداع اخر غير جعل الداعي ليس من مراتب الحكم الحقيقي، ولا يترقب منه فعلية البعث والزجر بل فعليته فعلية ما انشاء لأجله فلا محالة ينحصر الانشاء المترقب منه فعلية البعث والزجر في الانشاء بداعي جعل الداعي، واطلاقه وتجرده عن القيد يكشف عن كونه مصداق البعث والزجر فعلا، لا معلقا على شئ، إلا أن هذا الاطلاق إنما يجدى في نفي القيود الدخيلة في فعلية الحكم شرعا لا القيود الدخيلة في فعليته البعثية والزجرية عقلا، كالقدرة والوصول والابتلاء على القول بدخله بحكم العقل، ولا معنى لدفع قيدية ما لا دخل له بالشارع بتجرد خطابه عنه كما