وأما على الوجه الثالث: فبأن الأحكام الشرعية تارة، تكون مستندة إلى أحكام عقلية وأخرى، لا تكون مستندة إليها.
فالأولى: حيث إنها بعين الملاك الذي يستقل العقل بحسنه فحالها حال الحكم العقلي، وقد بينا مرارا أن الحيثيات التعليلية في الاحكام العقلية حيثيات تقييدية لها وأن الاغراض في الاحكام العقلية عناوين لموضوعاتها، فالضرب مثلا بما هو تأديب حسن لا انه حسن للأدب المرتب عليه وانه الباعث على استقلال العقل بحسنه، بل التأديب بعنوانه المندرج تحت عنوان الاحسان حسن، سواء انطبق على الضرب أو على غيره. وبالجملة: فمثل هذا الحكم الشرعي حيث إنه بملاك الحسن العقلي فلا محالة حاله حاله في تحصيل الفعل بما هو معنون بالعنوان الحسن.
والثانية: حيث إنها بملاك مولوي في نظر الشارع وقد مر وسيأتي إنشاء الله تعالى أن الملاكات المولوية الشرعية لا تجب أن تكون عين الملاكات الموجبة لاتصاف الافعال بالتحسين والتقبيح العقلائيين، فلا محالة تكون الاغراض متمحضة في كونها حيثيات تعليلية ولا موجب لكونها حيثيات تقييدية، إذ لا يتصف الفعل بأنه واجب شرعي إلا إذا وقع في حيز البعث والتحريك، ولا موقع للاتصاف به واقعا وظاهرا إلا من حيث تعلق البعث به. والمفروض تعلق البعث بنفس الفعل، وكذا حال الإرادة التشريعية فان البعث منبعث عنها فلا يتسبب المولى إلى ايجاد فعل إلا إذا كان مرادا من المكلف فليس الغرض مرادا ولا واجبا شرعا لا بالذات ولا بالعرض.
263 - قوله (1): بناء على ما ذهب إليه المشهور من العدلية من تبعية الأوامر الخ:
وعن بعض أجلة العصر (2) " ليس هذا الكلام مبنيا على قواعد العدلية القائلين