لنفسه أنه عين النور فلا يحتاج في حضوره للنفس إلى حضور آخر لكن هذا النور عين حضور الغير كما لا يخفى ذلك على الخبير.
ومنه يعلم أن إرجاع القطع على وجه الصفتية إلى ملاحظته من حيث إنه نور لنفسه وعلى وجه الكاشفية إلى ملاحظته من حيث كونه نورا لغيره لا وجه له، فإن معنى كونه نورا لنفسه أن حقيقته عين النور وهذا النور عين ظهور الغير، إذ حقيقة الانكشاف حقيقة تعلقية بذاتها، نظير قولهم " واجب الوجود لذاته " أي وجوب الوجود عين ذاته، وبهذا الوجه يقال: إن الوجود موجود بنفسه أي نفسه هو الوجود، وإلا فلو فرض ملاحظة الحضور والوجود الذهني بما هو من دون لحاظ تعلقه بأمر خاص، لزم كفاية كل حضور ووجود ذهني في ترتب الحكم، مع أنه ليس كذلك قطعا إلا أن يلاحظ (1) نفس الحصة الملازمة للماهية الخاصة لا الحضور بما هو كلي، فيكون الحكم مقصودا ذاتا على خصوص الحضور والملازم لحاضر خاص وهو الخمر مثلا، لكنه بعيد جدا عن مساق كلام الشيخ الأعظم - قده (2) - فإن " اعتبار القطع من حيث إنه صفة خاصة قائمة بالشخص " كما في عبارته، هو اعتبار العلم المتقوم بالمعلوم بالذات، لا خصوص الوجود الذهني.
مضافا إلى أن اعتبار القطع كذلك كإلغاء جهة كشفه أصلا عديم المورد في الشرعيات، والأمثلة المذكورة في كلام شيخنا العلامة الأنصاري - قده - غير منطبقة عليه، فإن اعتبار اليقين في الأوليين من الرباعية وفي الثلاثية والثنائية ليس قطعا على القول به إلا من جهة اعتبار حد خاص من الكاشف، وهو الكاشف التام الذي لا يبقى معه تزلزل واحتمال الخلاف في نفس المصلي، وأين هذا من إلغاء جهة كشفه عن الغير أو مطلقا.
وكذلك اعتبار العلم بخصوصه (3) في مقام الشهادة، فإنه من جهة اعتبار أعلى مراتب الكشف، لا إلغاء جهة كشفه عن الغير أو مطلقا، وكذلك ما جعله ثمرة في