فهو مما لا يختلف حاله باختلاف الاعتبارات، حيث لا يتقوم بالاعتبار كسائر الواقعيات، فلا معنى لدخل الاعتبار فيه وإن كان من اللوازم الجعلية العقلائية، وعقلية من حيث إدراك العقل العملي لهذا اللازم الجعلي الذي بنى عليه العقلاء عملا، كما مر منا سابقا فلا يمكن ترتبه على مخالفة التكليف الغير المحرز حقيقة إلا بجعل الاستحقاق شرعا.
فإن جعل الاستحقاق من العقلاء ليس بنحو الإنشاء القضايا الحقيقية ليتصور أنها ذات موضوع كلي له أفراد محققة الوجود وأفراد مقدرة الوجود، فباعتبار الوصول والإحراز فقط من الشارع يتحقق عنوان مخالفة التكليف المحرز على الوجه الكلي، بل قد عرفت (1) سابقا أن مسألة استحقاق المدح والثواب واستحقاق الذم والعقاب داخلة في القضايا المشهورة المسطورة في باب الصناعات الخمس من علم الميزان (2) وهي القضايا التي بنى عليها العقلاء عملا من مدح فاعل طائفة من الأفعال، وذم فاعل طائفة أخرى، حفظا للنظام وإبقاء للنوع، ومقدار سعة هذا الموضوع وضيقه يتقدر بالبناء العملي من العقلاء، فإن فرض أن عملهم في ذم المخالف للتكليف المحرز بالعلم وبخبر الثقة مثلا، فلا عمل لهم في مورد الأمارة التي يعتبرها الشارع حتى يكون استحقاق الذم والعقاب على مخالفتها عقلائيا حتى يكتفى من الشارع بمجرد اعتبار الأمارة إحرازا، بل لا بد من الإنشاء بداعي تنجيز الواقع بجعل الشارع، فتدبر جيدا.
22 - قوله: فإن ظهوره في أنه بحسب اللحاظ (3) إلخ:
فمثل قوله (ع) " نعم " بعد السؤال عن أن يونس بن عبد الرحمن (4) ثقة آخذ عنه معالم ديني؟ يفيد تنزيل المأخوذ منه منزلة معالم الدين، وهو تنزيل منزلة الواقع، لا الواقع المعلوم وتوهم: أنه يفيد تنزيل المأخوذ من الراوي بما هو مأخوذ منه منزلة الواقع الواصل نظرا إلى أن الأخذ لازمه الوصول، فيكون كناية