" الثالث: في أنحاء تعلق الأمر والنهي بالطبيعة " 230 - قوله: ان النهى عن شئ إذا كان بمعنى طلب تركه (1) الخ:
تحقيق المقام وبيان ما يجرى فيه البراءة من الأقسام يستدعى بسطا في الكلام فنقول ان طلب فعل شئ أو تركه يتصور على وجوه.
منها: تعلق الطلب بصرف وجود الشئ، وفى قباله تعلق الطلب بصرف العدم وقد يعبر من الأول بالوجود اللا بشرط ويناقض العدم الكلى، وعن الثاني بالعدم المطلق والعدم الكلى، ويقال ان لازم الأول تحقق الطبيعة بأول وجود منها، وان لازم الثاني عدم انتفاء الطبيعة الا بانتفاء جميع افراده. والتحقيق ما بيناه في غير مقام ان وجود كل طبيعة ليس نقيضه الا عدمه البديل له، وليس كل وجود الا طاردا وناقضا لعدم ما يضاف إليه الوجود بحده، ولا يعقل ان يكون ناقضا للعدم الكلى والعدم المطلق.
فوجود كل طبيعة متخصصة بما اخذ فيها بديله عدم تلك الطبيعة الخاصة بحدها فما اشتهر من أن وجود الطبيعة بوجود فرد ما وانتفائها بانتفاء جميع الافراد لا أصل له، بل بديل ذلك المحقق لتلك الطبيعة هو عدمه المطرود به لا عدم مطرود بغيره، واما انتقاض العدم بأول وجود من الطبيعة وبقائه على العدم بعدمه فليس من حيث إن العدم المطلق بديله ونقيضه، بل بديله في الحقيقة هو عدم أول وجود من الطبيعة، لكن عدم الوجود الأول يلازم عدم سائر الوجودات، كما أن التعبير بالوجود اللا بشرط لا يخلو عن محذور إذ لو أريد منه