فيقال إن وجوب الصلاة أشد وأقوى من وجوب غيرها، ولو فرض فيما نحن فيه تأكد الداعي وتأكد الإرادة وصدور التحريك المنزل منزلة التحريك الشديد وسقوط الإنشاء السابق عن كونه محركا كان خلفا، وإلا لكان من اجتماع المثلين، وأما انتزاع البعث الأكيد عقلا من مجموع الإنشائين فلا يلزم الخلف، ولا اجتماع المثلين غير صحيح، لأن خارجية الأمر الانتزاعي بخارجية منشأ (1) انتزاعه ومجموع الإنشائين واحد بالاعتبار، لا بالحقيقة، فلا منشأ لانتزاع البعث الأكيد حقيقة حتى يتحقق البعث الأكيد انتزاعا وانتزاع معنى من منشائه ليس جزافا (2) بل لاقتضاء المنشأ فكان المعنى الانتزاعي موجودا (3) بالقوة، ومنشائه موجودا بالفعل ونحو وجود الأمر الانتزاعي نحو وجود المقبول بوجود القابل خارجا وفعلية بحيث يكون له نحو وجود يختص به بفعلية الاعتبار والانتزاع، وبهذه الملاحظة يكون من الاعتباريات لا من الواقعيات، والمفروض أن المنشأ ليس إلا الإنشاء بداعي جعل الداعي فقط، وحيث لا منشأ حقيقة لانتزاع البعث الأكيد فلا هو موجود بوجوده ولا يعقل انتزاع ما لا منشأ له فتدبر جيدا.
" في صحة أخذ القطع من حيث مراتب الحكم " 29 - قوله: في مرتبة أخرى منه أو مثله (4) إلخ:
فإذا كان القطع بالإنشاء الواقعي من متممات السبب السابق، كان الحكم الفعلي فعلية ذلك الحكم المنشئ، وإن كان بنفسه سببا من غير دخل للمصلحة الداعية إلى الحكم الواقعي كان هذا الحكم مماثلا للحكم الفعلي الذي كان المورد في سبيل الترقي والبلوغ إليه، لكنه يشكل بأن الإنشاء الذي قطع به السبب لحكم فعلي مماثل، إن كان إنشاء بلا داع فهو محال، لأنه من الأفعال الاختيارية فيستحيل صدوره بلا داع، وإن كان إنشاء بداعي جعل الداعي فلا محالة إذا قطع