197 - قوله: ولكن بضميمة أصالة العدم (1) الخ:
لا يخفى عليك ان اجراء الأصل تارة: لمجرد نفى الحرمة ودفع تبعتها ظاهرا، فلا مانع منه، الا انه ليس من الاستدلال بالخبر بل الأصل عدم الحرمة، كان هناك " قوله كل شئ مطلق " أو لم يكن، وأخرى: للتعبد بالإباحة المغياة أو المقيدة بعدم صدور الحرمة، أو لتحقيق موضوع تلك الإباحة فحينئذ يرتبط الأصل بالاستدلال بالخبر الا انه لا يكاد يجدى اجراء الأصل لهذا الغرض، فان المراد بالإباحة المتعبد بها اما لأجل التعبد بعدم تحقق غايتها أو التعبد بقيدها، اما هي الإباحة الشرعية واقعية كانت أو ظاهرية، واما الإباحة المالكية بمعنى اللا حرج.
والتعبد بالأولى فرض معقوليتها في نفسه وقد عرفت عدم معقوليتها واقعية كانت أو ظاهرية، فلا معنى للتعبد بها لا بلا واسطة ولا معها.
والتعبد بالثانية لا معنى له لأن المفروض ان الإباحة قبل الشرع بمعنى اللا حرج العقلي ليست من مقولة الحكم وإلا لزم الخلف وليست موضوعا ذات حكم شرعي أيضا واما كون الأصل محققا لموضوعها فإنما يصح إذا كانت من لوازم الأعم من الواقع والظاهر كوجوب الإطاعة وحرمة المعصية ووجوب المقدمة وحرمة الضد.
ومن الواضح ان الإباحة قبل الشرع هي اللا حرج عقلا قبل الشرع حقيقة، لا قبله ولو ظاهرا مع ثبوته واقعا. نعم اللا حرج قبل وصول التكليف من لوازم الأعم من عدم وصوله واقعا أو ظاهرا لكنه بمعنى يساوق قبح العقاب بلا بيان ومثله أجنبي عن اللا حرج المغيى بعدم صدور النهى على الفرض فحمل الإباحة على هذا المعنى خلف لأن المفروض ان الغاية صدور النهى لا وصوله مضافا إلى أنه لو ترتبت الإباحة بوجه على الأصل لا يجدى في هذه المسألة إلا إذا كانت الإباحة المترتبة عليه بمعنى الإباحة الظاهرية المترتبة على مجهول الحكم بحيث لو علم لوجوب امتثاله واما الإباحة المالكية فهي غير شرعية