فنقول أما بالنسبة إلى الطائفة الأولى: فإن كان المنفي هو الحكم الضرري فلا محيص عن التخصيص لأن اتصاف الحكم بالضررية من قبل ضررية موضوعه لا يختلف باختلاف ذاتية الضرر لموضوعه وعرضيته له فان اتصافه بها بلحاظ اقتضائه لايجاد موضوع ضرري بذاته أو بالعرض. وإن كان المنفي هو الموضوع الضرري بأحد الوجهين المتقدمين فحيث استظهرنا رافعية الضرر واقتضائه لنفي الحكم المقتضى لكون مقتضى ثبوته له غيره فلا محالة لا يعارض ما دل على حكم ثابت لموضوع ضرري بذاته.
لا يقال: إذا كان الضرر عرضيا وكان مقتضيا للنفي فإذا كان ذاتيا كان أولى الرافعية، واقتضاء النفي.
لأنا نقول: إذا كان الضرر عرضيا صح رفع الحكم لأجله أحيانا امتنانا بخلاف ما إذا كان ذاتيا ولازما لذات الموضوع، فان رفع الحكم لأجله يوجب إبطاله وإلقائه بالكلية ولا منة في تفويت المصلحة من رأسها فلا أولوية بل لا مساواة.
ومنه يعلم أن مقتضى النفي وإن كان في الضرر الذاتي والعرضي على حد واحد قوة وضعفا إلا أن الامتنان يقتضي رعاية المقتضى العرضي دون الذاتي لما ذكرناه.
ولا يخفى عليك أن ما ذكرناه في وجه التخصص وعدم المعارضة أولى مما قيل بأن المراد نفي الضرر الزائد على طبيعة التكليف فإنه قليل الفائدة، إذ الموضوع وإن كان في غاية القوة من الضرر لم يكن زائدا على ما يقتضيه طبع التكليف به كما أنما قيل (1) من أن تداركه بالمصالح الدنيوية أو الأجور الأخروية يخرجه عن الضررية.
مدفوع بأن مقتضاه لغوية نفي الضرر، إذ ما من تكليف ضرري الا وله .