فلازمه استحقاق العقاب على مخالفة التكليف الواقعي بعد قيام الحجة عليه توضيحه: أن قاعدة اللطف كما تقتضي بعث الشارع نحو ما فيه صلاح العباد وزجره عما فيه الفساد، كذلك تقتضي جعل العقاب على ترك ما فيه الصلاح وفعل ما فيه الفساد، تحقيقا للباعثية والزاجرية، ومن الواضح: أن جعل العقاب ما لم يصل ولو بوصول ملزومه وهو التكليف لا يكون محققا للدعوة بعثا أو زجرا، وعليه فالعلم بالتكليف علم بلازمه، وهو العقاب المجعول على مخالفته من حيث إنه مخالفة (1)، لا من حيث الاندراج تحت عنوان الظلم حتى ترد المحاذير المتقدمة، كما أنه بملاحظة العلم المزبور يحتمل العقاب على فعل كل واحد لاحتمال حرمته واقعا، وعليه فإذا ارتكب أحدهما وصادف الواقع فقد وقع في عقابه، وإلا فلا، وهذا الاحتمال هو الحامل للعبد على الفرار من العقاب من دون حاجة فيه إلى حكم من العقلاء أو الشارع، ومما ذكرنا تعرف الخلط في كثير من الكلمات بين المسلكين، فتارة يرتبون آثار المسلك الأول، وأخرى آثار المسلك الثاني، وعلى أي حال فالعلم الإجمالي منجز للتكليف مطلقا.
42 - قوله: وكانت مرتبة الحكم الظاهري محفوظة (2) إلخ، لا يخفى عليك أن انحفاظ المرتبة إن كان بلحاظ تعليقية حكم العقل بالاستحقاق على عدم المؤمن من الشارع مطلقا أو في بعض الأطراف كما توهم.
ففيه: أولا: أن هذا المعنى لا ربط له بانحفاظ المرتبة، لأنه إنما يلتزم به دفعا للتنافي بين نفس الحكمين الواقعي والظاهري، لا دفعا للتنافي بين آثارهما، وحكم العقل وورود المؤمن شرعا مربوط بالثاني دون الأول، نعم، من لا يرى منافاة بين نفس الحكمين مطلقا بل يرى المنافاة بينهما من قبل آثارهما فله أن يقول بانحفاظ المرتبة بهذا المعنى، إلا أنه أجنبي عن مسلك شيخنا الأستاد - قده - (3).
وثانيا: قد عرفت أن مخالفة التكليف المعلوم بل عدم المبالاة به بالانبعاث