أحدهما: عدم العلم الاجمالي المانع.
وثانيهما: عدم جريان أصلين متمانعين، ولو كان الوجه خصوص ما أفاده - قده - (1) من تدريجية الاستنباط لما كانت التدريجية مجدية (2)، إذ بعد استنباط جملة من الاحكام باجراء الأصول شيئا فشيئا يصحل له العلم بمخالفة بعض هذه الأصول لعلمه الاجمالي فلا يمكنه العمل بفتاويه المطابقة للأصول التي اعتقد جريانها حال الاستنباط، كما لا يمكنه الفتوى على طبقها جميعا لمقلديه، بخلاف ما إذا كان الوجه ما ذكرنا من تدريجية فعلية الاحكام فإنه في كل واقعة عملية وان كان يعلم إجمالا بحكم على خلاف الأصل لكنه لا أثر له، لأنه يعلم اجمالا بحكم على خلاف ما ابتلى به، وما هو خارج عن مورد ابتلائه إما لعدم موقع للابتلاء به أو للابتلاء به سابقا.
ومما ذكرنا: يعلم أنه كما لا مانع إثباتا كذلك لا مانع ثبوتا، إذ لا علم اجمالي بحكم (3) فعلى مضاد أو مماثل أو مناقض كما لا يخفى.
والتحقيق: أن الشكوك وان لم تكن فعلية والاحكام وان لم تكن فعلية دفعية الا انه ليس من شرائط اعتبار ناقضية اليقين لليقين فعليتهما ودفعيتهما بل علم المجتهد بأن في مواقع ابتلائه بالاستنباط تعبدات استصحابية بلحاظ موارد فعليتها بفعلية موضوعاتها كاف في العلم، بان الاستصحابات في مواقعها مخالفة للواقع الذي علمه اجمالا، ومن الواضح أن هذا العلم الاجمالي الموجود من أول الأمر هو عين اليقين الاجمالي الناقض في موقع فعلية الاستصحاب بفعلية موضوعه، لا أنه يحدث له عند اجراء الاستصحابات أو بعده علم اجمالي ناقض،، وانما الفرق بين ما قبل الاستنباط وما بعده بكون أطراف العلم الاجمالي ملحوظا بنحو الكلية والجمع قبلا، وصيرورة الأطراف بنحو الجزئية والفرق والتفصيل عند التعرض لاستنباط تلك الأحكام المعلومة بالإجمال بنحو الجمع