باب الإمامة والولاية، والا لوصل إلينا جميع الأحكام.
فان قلت: ظهور الوضع المساوق للرفع في رفع ما كان ثابتا عليهم قرينة على أن المراد حجب ما امر الحجة بتبليغه فإنه الثابت عليهم فالثبوت في نفسه لا يناسب الرفع بل الثبوت عليهم، ولا يكون ثابتا عليهم الا بعد التبليغ والتعريف.
قلت: ليس الوضع بمعنى الرفع بل الوضع بمعنى الجعل والاثبات، فان تعدى بحرف الاستعلاء كان المراد منه جعل شئ على شئ واثباته عليه، وان تعدى بحرف المجاوزة كان المراد صرفه عنه إلى جانب، فقد يكون ثابتا حقيقة فصرفه عنه يكون مساوقا للرفع، وقد لا يكون ثابتا بل مقتضيه ثابت فيتمحض في الصرف والجعل عنه إلى جانب، فإذا كان مقتضى جعل الحكم مقتضيا لاثباته على العباد ولكن مصلحة التسهيل أو مصلحة أخرى منعت من امره بتبليغه وتعريفه فقد صرف عنهم وجعل عنهم إلى جانب فحينئذ لا معارض لظهور الحجب المستند إليه (تعالى) حتى يلزم بالحجب بالمعنى الثاني، فتدبر.
وعن شيخنا الحر العاملي - ره - في المسائل في الجواب عن هذه الرواية (1)، انها مختصة بالشبهة الوجوبية مدعيا ان قوله (ع) (2) " موضوع عنهم " قرينة ظاهرة في إرادة الشك في وجوب فعل وجودي، ولعل نظره - ره - إلى أن الواجب هو الفعل الثابت على المكلف فيناسب رفعه، بخلاف الحرام فان المكلف مزجور عنه لا انه ثابت عليه، وليس ترك الحرام واجبا شرعيا حتى يقال بثبوته على المكلف، بل ترك الحرام ترك ما يستحق العقوبة على فعله، والجواب ما مر منا سابقا (3) ان التكليف اللزومي بملاحظة ثقله على المكلف بالجهات المتقدمة يكون على المكلف ولذا كما يتعدى الوجوب بحرف الاستعلاء بالإضافة إلى المكلف. فيقال يجب عليه كذلك الحرمة تتعدى بحرف الاستعلاء فيقال يحرم عليه، كما تشهد له الاستعمالات القرآنية حتى في المحرمات التكوينية، كما في