ليس من حيث عنوانه التعظيمي مأمور به كما علم أن قصد عنوان التعظيم من طريق الأمر اجمالا غير معقول، فليس اعتبار قصد الأمر للتوصل إلى تحقق ذلك العنوان الحسن فالصحيح في دفع الاشكال ما ذكرناه وبقية الكلام تطلب من غير المقام ولقد خرجنا بهذا المقدار عن وضع التعليقة إلا أن المسألة لما كانت مهمة معضلة ولم يتعرض لها أستاذنا العلامة - رفع الله مقامه - في هذا الكتاب (1) أحببنا التكلم فيها بأدنى مناسبة.
146 - قوله: وصحة نصب الطريق وجعله في كل حال (2) الخ:
حاصله أن نصب الشارع للظن، تارة بملاك حكم العقل بحجيته فهذا هو الذي يكون بلا موجب لحصوله بحكم العقل، وأخرى بملاك اخر فهذا لا مانع منه، لعدم حصول موجبه بحكم العقل بل لا يعقل مانعية حكم العقل عنه، لأنه مبنى على عدم نصب الشارع له فمع نصبه لملاك اخر غير مقدمات الانسداد لا يعقل تمامية مقدمات الانسداد الموجبة لاستقلال العقل.
ولا يخفى عليك أن هذا البيان صحيح على تقدير إرادة المنجزية والمعذرية من الحجية، وأما إذا أريد جعل الإطاعة الظنية بدلا عن الإطاعة العلمية فلا، إذ الإطاعة بحكم العقل دائما ولا مجال لتصرف الشارع فيها بوجه كما مر مفصلا، وقد مر سابقا (3) أن الكشف عن الحجية بالمعنى الأول هو الصحيح ولا استقلال للعقل بالحجية بالمعنى الأول. والكشف بالمعنى الثاني في نفسه غير صحيح حيث إن أمر الإطاعة والعصيان واستحقاق الثواب والعقاب بحكم العقل العملي كما مر وجهه فالحجية بهذا المعنى شرعا غير صحيحة لا بملاك حكم العقل ولا بغيره.