236 - قوله: وقياسه بتعارضين الخبرين (1) الخ:
لا يخفي عليك أن القياس بالخبرين المتعارضين وإبطاله، تارة، لاثبات التخيير الذي هو أحد الوجوه في المسألة ونفيه، وأخرى، لتتميم البحث عن عدم وجوب الالتزام بأحد الحكمين بنحو التخيير حتى يمنع عن إجراء البراءة شرعا والحكم بالإباحة، وإن كان لازمه بطلان القول بالتخيير، وظاهر العبارة هو الثاني (2) كما هو مقتضى كلمات شيخنا العلامة الأنصاري - قده - في الرسائل (3) في هذه المسألة، وتقريب وجوب الالتزام بأحد الحكمين بنحو التخيير بوجهين.
أحدهما: إنه يجب الالتزام شرعا بالحكم الواقعي بعنوانه، فإذا كان الواقع هو الوجوب فالالتزام واقعا هو الالتزام بالوجوب وإذا كان هي الحرمة فالالتزام الواجب هو الالتزام بالحرمة، وحيث لا يتمكن من الموافقة القطعية للالتزام الواجب وجبت موافقته الاحتمالية وهي الالتزام (4) بالوجوب أو الالتزام بالحرمة.
والجواب أن أصل الالتزام الجدي بالواقع بعنوانه الخاص المجهول غير معقول حتى يجب واقعا على طبق الواقع حتى يجب موافقته الاحتمالية بل مقولة الالتزام الجدي بشئ سنخ مقولة لا تتعلق إلا بما علم، وهو انه ليس إلا نفس طبيعي الالزام وهذا معنى ما أفيد في الرسائل (5) وهو قوله - ره - " وليس حكما شرعيا ثابتا في الواقع حتى تجب مراعاته ولو مع الجهل التفصيلي " الخ ومنه تبين أنه لا جامع بين التخيير هنا والتخيير بين الخبرين حتى يقاس أحدهما بالآخر، إذ ملاك التخيير هنا مراعا وجوب الالتزام الواحد بالاحتياط المقتضى للموافقة الاحتمالية، وملاك التخيير هناك عدم امكان الجمع بين التزامين