احتمال الاستحالة مع أن ما ذكرنا مرجعه إلى أصالة الظهور ونحوه، والمرجع في كلامهم ومرمهم إلى أصالة الإمكان استنادا إلى القاعدة الموروثة من الحكماء.
55 - قوله: والجواب أن ما ادعى لزومه إما غير لازم (1) إلخ:
تحقيق الجواب أن حقيقة الحكم خصوصا في الأحكام الشرعية عبارة عن البعث والزجر أعني الإنشاء بداعي جعل الداعي من دون لزوم إرادة أو كراهة بالنسبة إلى فعل المكلف في المبدء الأعلى، ولا في سائر المبادي العالية، بل في مطلق من كان بعثه أو زجره لأجل صلاح الغير.
بداهة أن الشوق النفساني لا يكون إلا لأجل فائدة عائدة إلى جوهر ذات الفاعل أو إلى قوة من قواه، وإلا فحصول الشوق الأكيد بالإضافة إلى الفعل على حد المعلول بلا علة وإنما يتصور الشوق الأكيد إلى فعل الغير إذا كان ذا فائدة عائدة إلى المريد إياه، وحيث إن أفعال المكلفين لا يعود صلاحها وفسادها إلا إليهم فلذا لا معنى لانقداح الإرادة في النفس النبوية والولوية فضلا عن المبدء الأعلى، مع اختصاصه تعالى بعدم الإرادة التشريعية من جهة أخرى تعرضنا لها في مبحث الطلب والإرادة مستوفى (2)، ولعلنا نشير (3) إليها عما قريب إنشاء الله تعالى.
وأما الإرادة المتعلقة بنفس البعث والزجر فهي إرادة تكوينية لتعلقها بفعل المريد لا بفعل المراد منه ولا ترد على ما ورد عليه البعث كما لا يخفى، وعليه فليس بالنسبة إلى فعل المكلف إرادة أصلا، فضلا عن الإرادتين، بل لو فرضنا انبعاث الإرادة التشريعية عن فائدة عائدة إلى المراد منه لم يلزم ثبوت إرادتين تشريعيتين، لما مر مرارا (4) من أن الشوق ما لم يصل إلى حد ينبعث عنه العضلات أو ينبعث منه البعث الحقيقي لا يكاد يكون مصداقا للإرادة التكوينية