عناوين مختلفة باعتبارات متعددة: فمن حيث الايقاع في كلفة الفعل أو الترك تكليف ومن حيث جعله قرينا للمكلف بحيث لا ينفك عنه إلا بالإطاعة، أو العصيان الزام، فكأنه جعله لازما له، ومن حيث إنه موجب لحركته نحو الفعل تحريك، ومن حيث اثباته على رقبته ايجاب، وهكذا.
وأما لزوم تحصيل الابتلاء المنافى لشرطية الابتلاء فإنما يرد إذا أريد شرطية الابتلاء للامر والنهى معا، مع أنه لخصوص النهى، فإنه الذي لا يحسن مع حصول متعلقه وهو الترك بنفس عدم الابتلاء، وغاية ما يمكن أن يقال في وجه اعتبار الابتلاء في خصوص التكليف التحريمي مع تساوى الفعل والترك في القدرة المعتبرة في البعث والزجر هو أن البعث حيث إنه لجعل الداعي نحو الفعل فلابد من أن يكون الفعل بحيث يمكن الانبعاث إليه، فإذا كانت مقدماته موجودة فلا محالة يكون انقياد المكلف مساوقا للانبعاث بالبعث نحو الفعل. وإن لم يكن مقدماته موجودة فحيث كان الانبعاث إلى ذيها ممكنا بالانبعاث إليها فلا محالة يصح البعث نحو الفعل ونحو مقدماته، وأما الزجر فهو أيضا (1) لا يصح إلا إذا أمكن الانزجار عن الفعل، فإذا كانت مقدمات الفعل موجودة ما عدا المقدمة الأخيرة فلا محالة يصح الانزجار عن الفعل بالانزجار عن مقدمته، فيصح الزجر عنه وعن مقدمته المترتب عليهما ترك الفعل.
وأما إذا كان ما عدا المقدمة الأخيرة متروكا أيضا فلا يترقب من الزجر عن الفعل ترتب الانزجار عليه عند انقياد المكلف، إما بنفسه فواضح، وإما من حيث الانزجار عن مقدماته، فلفرض كونها متروكة، وتبدلها إلى النقيض لا أثر له حتى يكون إمكان الزجر والانزجار محفوظا، لان وجود ما عدا المقدمة الأخيرة وعدمه في بقاء الترك على حد سواء، ولذا لا يحرم ما عدا المقدمة الأخيرة على ما هو التحقيق في محله، وعليه فشرطية الابتلاء لاقتضاء الزجر عن الفعل بالخصوص لا لاقتضاء مطلق التكليف بعثا أو زجرا ولا لفقد القدرة ولو بمرتبة منها.