فعلية، فالامر المحتمل بصورت الحاضرة في النفس داع بالذات على أي تقدير، والامر الخارجي الداعي بالعرض داعيا على أي تقدير بل على تقدير تحققه ومطابقته للصورة الحاضرة للنفس، فإذا كان الانشاء الواقعي المفروض تحققه بداعي جعل الداعي حقيقة فهو بعنوان جعل الداعي بالعرض على أي تقدير، ولا يعقل ان يكون كذلك الا بنحو وجوده الواصل في وجدان العقل والا ففي صورة احتماله لا يكون داعيا بالعرض على أي تقدير، وكذا الامر بالإضافة إلى عنوان متعلقه، فان جعله داعيا إلى الشرب بعنوانه يستدعى احداث الشوق إليه بعنوانه لا إلى احتماله، وكذا بالإضافة إلى ما أضيف إليه المتعلق عنوانا ومعنونا.
نعم، إذا قام الدليل على تنجيز المحتمل كان ذلك راجعا إلى جعل وجوده المحتمل داعيا أو إذا كان من باب جعل الحكم المماثل كان في الحقيقة جعل الحكم المماثل الواصل داعيا حقيقة بعنوان انه الواقع فهو الداعي بالحقيقة، والحكم الواقعي داع عنوانا وبالعرض.
ومن جميع ما ذكرنا تبين ان ملاك البراءة عدم فعلية الحكم بعدم الوصول كبرى وصغرى من دون فرق بين كون القضية حقيقية أو خارجية، فاخذ القضية حقيقية مقدمة للبراءة، وان فعلية الحكم بفعلية موضوعه بخروجه عن حد الفرض والتقدير مقدمة مستدركة، ولذا إذا كانت القضية خارجية كانت فعلية الحكم بالوصول أيضا، كما إذا قال لا تشرب هذه الخمور الموجودة في الدار وتردد امر مايع بين كونه منها وعدمه، فإنه قطعا مجرى البراءة مع أن القضية خارجية، فتدبره فإنه حقيق به.
ومما ذكرنا تبين انه لا شك في (عدم) فعلية الحكم الواقعي المحتمل بل ذكرنا برهان على عدم فعليته من دون وصول النوبة إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان، واما مع قطع النظر عن ذلك وملاحظة قاعدة قبح العقاب بلا بيان ومقتضاها في الشبهة الموضوعية فنقول ليس المراد بالبيان ما هو وظيفة الشارع