في الاستدلال بالعقل لأصالة البراءة 200 - قوله اما العقل فإنه فقد استقل بقبح العقوبة (1) الخ:
نحن وان ذكرنا مرارا (2) ان مدار الإطاعة والعصيان على الحكم الحقيقي وان الحكم الحقيقي متقوم بنحو من أنحاء الوصول لعدم معقولية تأثير الانشاء الواقعي في انقداح الداعي وحينئذ فلا تكليف حقيقي مع عدم الوصول فلا مخالفة للتكليف الحقيقي فلا عقاب فإنه على مخالفة التكليف الحقيقي إلا ان عدم العقاب لعدم التكليف امر وعدم العقاب لعدم وصوله امر آخر وما هو مفاد قاعدة قبح العقاب بلا بيان هو الثاني دون الأول مضافا إلى أن قاعدة قبح العقاب بلا بيان مما اتفق عليه الكل وتقوم التكليف بالوصول مختلف فيه بل صريح شيخنا الأستاذ - قده - في تعليقته الأنيقة (3) انفكاك مرتبة الفعلية البعثية والزجرية عن مرتبة التنجز فالأولى تقريب القاعدة بوجه عام مناسب للمقام.
فنقول توضيح المقام ان هذا الحكم العقلي حكم عقلي عملي بملاك التحسين والتقبيح العقليين وقد بينا في مباحث القطع والظن (4) مرارا ان مثله مأخوذ من الاحكام العقلائية التي حقيقتها ما تطابقت عليه آراء العقلاء حفظا للنظام وابقاء للنوع وهي المسماة بالقضايا المشهورة المعدودة في الصناعات الخمس من علم الميزان ومن الواضح ان حكم العقل بقبح البيان بلا بيان ليس حكما عقليا عمليا منفردا عن سائر الأحكام العقلية العملية بل هو من افراد حكم