وأما إذا لم يكن حرمة شرعية وكان الحرمة الفعلية متعلقة بما يقدر عليه بذاته لفرض القدرة على ارتكاب كل واحد من الأطراف لفرض دخول الكل في محل الابتلاء كما هو مفروض كلام هذا القائل فلا محالة يكون العلم بالحرمة المتعلقة بالامر المقدور موجبا لاستحقاق العقوبة على مخالفتها، وليس ضم غير الحرام إلى الحرام دخيلا في القدرة على متعلق الحرمة ولا دخيلا في ترتب العقوبة على مخالفتها بعد فرض تنجزها لاستجماع شرائطه، فليس ارتكاب الجميع إلا سببا للقطع بترتب (1) استحقاق العقوبة على فعل الحرام الفعلي، كما أن ارتكاب بعض الأطراف سبب لاحتمال ترتب الاستحقاق المزبور وعدم التمكن من تحصيل العلم باستحقاق العقاب معنى، وعدم التمكن مما يستحق عليه العقاب معنى اخر، والمضر هو الثاني دون الأول.
255 - قوله: نعم ربما تكون كثرة الأطراف في مورد (2) الخ:
قد مر في أوائل البحث عن دليل الانسداد (3) أن العسر والحرج أو الضرر ليس في متعلق التكليف قطعا بل في تحصيل العلم بامتثاله بالجمع بين محتملاته (4)، وليس تحصيل العلم بالامتثال من مقتضيات التكليف ولو بالواسطة، بل التكليف لا يقتضى إلا ايجاد متعلقه أو إعدامه، وتحصيل العلم بامتثاله بحكم العقل الذي نسبته إلى الحكم الشرعي نسبة الحكم إلى موضوعه، وليس التكليف المجهول بما هو تكليفا إلهيا ليقال إن مقتضاه تحصيل العلم بالامتثال، فالمرفوع بأدلة نفى الحرج والعسر والضرر نفس الحكم الضرري أو الحرجي أو الموضوع الموصوف بهما، وليس إطلاق يعم ما إذا كان بنفسه حرجيا أو ضرريا، وما إذا كان موضوعا لحكم عقلي حرجي أو ضرري بحيث يعم الوصف بحال نفسه والوصف بحال متعلقه.