واما ما عن المحقق الحكيم السبزواري - ره - (1) من أن " كل ما هو ممدوح أو مذموم في نفس الأمر فهو ممدوح أو مذموم عند الله والا لزم جهله بما في نفس الأمر "، فهو انما يتوجه إذا كان المراد من ثبوتهما عند الشارع كثبوتهما عقلا بنحو الثبوت العلمي فإنه الذي يلزم من عدمه جهله تعالى بما في نفس الأمر.
وأما إذا كان الغرض من هذا النزاع استحقاق الثواب والعقاب من الشارع بعد حكم العقل باستحقاقهما واقعا فاللازم الفاسد من عدمه هو الخلف، لان الاستحقاق المزبور متساوي النسبة إلى الشارع وإلى سائر العقلاء، هذا كله في عدم معقولية الحكم من الشارع على خلاف ما تطابقت عليه آراء العقلاء ومنهم الشارع.
وأما إمكان الحكم المولوي على طبقه فقد مر مرارا أن التكليف المولوي هو الانشاء بداعي جعل الداعي، وقد مر أيضا أن التكليف لا يمكن أن يكون داعيا على أي تقدير ولكل مكلف عموما إلا بلحاظ ما يترتب على موافقته من الثواب وعلى مخالفته من العقاب، وحيث إن المفروض أن العدل يوجب استحقاق المدح، والظلم يوجب استحقاق الذم عند العقلاء ومنهم الشارع فهو كاف في الدعوة من قبل الشارع بما هو عاقل، ولا مجال لجعل الداعي بعد ثبوت الداعي من قبله.
فان اختلاف حيثية العاقلة وحيثية الشارعية لا يرفع محذور ثبوت داعيين متماثلين مستقلين في الدعوة بالإضافة إلى فعل واحد، لان الواحد لا يعقل صدوره عن علتين مستقلتين في الدعوة وإن لم يلزم هنا اشكال تعدد البعث من حيث اجتماع المثلين، لعدم البعث الجعلي في الاحكام العقلائية، مع انا ذكرنا في محله أن منشأ الاستحالة أيضا هناك ما ذكرناه هنا، لعدم التماثل والتضاد في الأحكام التكليفية لوجه تفردنا به في محله فراجع.
نعم، إذا قلنا بأن ما تطابقت عليه آراء العقلاء نفس استحقاق المدح والذم