ولا مقدميا ولا ارشاديا فلا معنى لأصل ايجابه حتى يكون قبيحا، لاستلزامه القبيح وهو العقاب على الواقع المجهول، هذا ولكنك قد عرفت في حديث الرفع وغيره ان الأشياء بداعي تنجيز الواقع المتكرر في كلام شيخنا العلامة الأستاذ - قده - (1) أيضا لا يخلو عن محذور، لان ما يعقل ان يكون منجزا أو متنجزا غير قابل لتعلق الامر به، وما يقبل تعلق الامر به غير قابل للمنجزية ولا للمتنجزية فراجع. فلا مناص من جعل الامر بالاحتياط هنا وجعل الامر بتصديق العادل في الاخبار لمن يريد تنجيز الواقع بهما، من جعلهما نفسيين لا بمعنى كون الاحتياط بما هو أو التصديق بما هو مطلوبا في حد ذاته، بل بنحو المعرفية للواجب الواقعي، فالغرض بالمترقب من فعل صلاة الجمعة يدعو إلى ايجاب صلاة الجمعة بعنوانها، ومع عدم وصوله بعنوانها، ومع عدم وصوله بعنوانها إلى المكلف يدعو ذلك الغرض إلى ايجابها بعنوان آخر كعنوان تصديق العادل وعنوان الاحتياط، فلا ايجاب حقيقي الا الايجاب بالعنوان الواصل بلسان انه الواقع، فوصوله حقيقة وصول الواقع عرضا، وتنجزه حقيقة تنجز الواقع عرضا وهو انشاء بداعي جعل الداعي منبعثا عن ذلك الغرض الواقعي الباعث على ايجاب الواقعي، ولذا يكون مقصودا على صورة موافقة الخبر ومصادفة الاحتمال.
وعليه فظهور الامر بالاحتياط في معناه الحقيقي وهو الانشاء بداعي جعل الداعي محفوظ، ولا تصل النوبة إلى الارشاد الا مع القرينة ولا قرينة عليه في خصوص اخبار الاحتياط، بل في اخبار التوقف، لاستحالة حملها على النفسية والطريقية لفرض ثبوت العقوبة فيها مع قطع النظر عن الامر بالتوقف، فنفسيتها يستلزم تعدد العقاب، وطريقيتها يستلزم الخلف كما مر مفصلا، هذه غاية تقريب دلالة أدلة الاحتياط على تنجز الواقع المجهول، والجواب عنها يظهر بملاحظة نسبتها مع أدلة البراءة: فنقول: اما بالنسبة إلى حديث الرفع فمجمل القول فيها ان المراد من الرفع ان كان عدم فعلية التكليف فقط، فأدلة الاحتياط المثبتة لفعلية