جعل الداعي فهو إيجاد تسبيبي من المولى، والزجر مقتض لعدمه، وإعدام تسبيبي من المولى فيصح إظهار المقتضى بالاخبار عن مقتضاه إلى غير ذلك من البيانات التي قدمناها في الجزء الأول من التعليقة (1)، لا أن مفاد صيغة الماضي والمضارع مع الأمر والنهي مندرجة في جامع واحد وهو ايقاع التلبس بالمبدء في عالم التشريع كما قيل، لأن مفاد الأمر والنهي وإن كان إيجادا أو إعداما تسبيبيا تشريعيا إلا أن مفاد صيغة الماضي والمضارع وقوع التلبس بالمبدء في المضي أو في غيره لا الايقاع حتى يكون التفاوت بمجرد التشريع والتكوين فتدبر.
316 - قوله: إلا أنه لم يعهد من مثل هذا التركيب الخ:
بل ربما لا يمكن إرادة النهي منه كقوله (ع) " لا ربا بين الوالد والولد " (2) وقوله (ع) " لا شك لكثير الشك " (3) وقوله - ع - " لا سهو في سهو " (4) وأما عدم معهوديته من مثل هذا التركيب فغير مسلمة. نعم، لا موجب لرفع اليد عن ظهوره في نفي الحقيقة ولا تصل النوبة إلى إرادة النهي إلا مع عدم إمكان النفي كما قد يتفق أحيانا.
ولكن هنا شبهة ربما تقوى إرادة النهي، وهي أن الضرر عبارة عن النقص في النفس أو العرض أو المال فان النقص بأحد الوجوه المزبورة ضرر بالإضافة إلى من يضاف إليه الناقص ولعنوان الضرر قيام بنفس النقص قيام العنوان بالمعنون، وأما بالنسبة إلى سبب النقص موضوعا كان أو حكما فلا قيام له به، فان الصدق بالقيام بما يصدق عليه لا بالقيام عنه، ولذا لا يوصف العلة بمعلولها بل الوصف المنتزع عنه باعتبار ترتبه عليها فالسبب للضرر يوصف بعنوان المضر والضار