الطريقية والانكشاف.
بداهة أن كل وصف اشتقاقي ينتزع عن مرتبة ذات شئ، فمبدئه ينتزع عنه قهرا وإلا لزم خلف (1)، بل ذاته نفس الانكشاف، وانتزاع الكاشف عنه باعتبار وجدانه لنفسه ولا معنى للطريقية إلا وصول الشئ بعين حضوره للنفس، فالطريقية عين ذاته لا من ذاتياته، فلذا لا حالة منتظرة في الإذعان بانطباق الكبرى العقلية على المورد، فيتحقق بسببه ما هو السبب التام لاستحقاق العقاب بلا كلام، وحيث إن طريقيته (2) ذاتية فجعل الطريقية له من الشارع غير معقول، لا بما هو جاعل الممكنات ولا بما هو شارع الشرائع والأحكام.
أما عدم قابليته (3) للجعل بما هو جاعل الممكنات، فلأن المعقول من الجعل نحوان، بسيط ومركب، والقطع بما هو قطع في مرحلة ذاته وماهيته غير قابلة للجعل بنحويه على ما هو التحقيق من تعلق الجعل بالوجود، فالماهية ليست مجعولة ولا لا مجعولة بالجعل البسيط، كما أن الجعل التركيبي بين الشئ ونفسه غير معقول، لأن وجدان الشئ لذاته وذاتياته ضروري، وقد فرضنا (4) أن القطع حقيقته عين الانكشاف والنورية، بل لو فرضنا أنه أمر لازمه (5) النورية والمرآتية، فهو من لوازم الغير المفارقة، والجعل بين الشئ ولوازمه الغير المفارقة أيضا محال (6)، وأما في مرحلة وجوده فالجعل البسيط له عبارة عن إبداعه وتكوينه وإيجاده، وهو أمر معقول، ولا دخل له بمورد البحث، إذ إيجاد القطع إيجاد الطريق وكل قطع وجد في الخارج فهو بعلله مستند إلى جاعل هويات الممكنات، فجعل القطع جعل الطريق لا جعل ما ليس بطريق بذاته طريقا، كما هو محل البحث، وأما جعله طريقا بمعنى تعلق الجعل بوجوده الرابطي فهو محال بعد ما عرفت (7) أن حقيقة القطع حقيقة الطريقية المرآتية، فوجود الطريقية