الاحكام الظاهرية، ولا يخفى عليك أن غرضه - قده - ليس كغاية الحكم الظاهري في المخالفة العملية التدريجية، بل وجود البدل الظاهري الذي به يتدارك مصلحة الواقع أو مفسدته، ففي مثل الخبرين المتعارضين يكون في الالتزام بكل منهما مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع أو مفسدته، أو نفس جعل الحكم على طبق الخبرين بنحو التخيير منبعث عن مصلحة في الفعل أو الترك بعنوان عارض، إما مط كما على موضوعية الخبر مط، أو في خصوص مورد التعارض كما على القول بالتخيير شرعا بعنوان التسليم الراجع أيضا إلى الموضوعية في مثل هذا الحال. وعلى أي حال فهناك مصلحة يتدارك بها الواقع عند الخطاء عن الواقع ولابد من الالتزام بمثله في التخيير بين المجتهدين أو جواز العدول. وأما في مثل الحكم على معلوم الوجوب أو الحرمة بالإباحة مط فليس هناك بدل ظاهري، حيث إن الفعل والترك على حالهما من دون تعنونهما بعنوان ذي مصلحة حتى يكون الفعل المعنون بذلك العنوان بدلا ظاهريا عن الواقع، كمالا معنى لتعنونهما من قبل نفس الإباحة بشئ ولو بالالتزام بالإباحة، فان الإباحة تتعلق بنفس الفعل لا بالالتزام بها فإنه غير معقول فيتمحض في الاذن في المخالفة العملية التدريجية، وهو قبيح.
239 - قوله: ثم إن مورد هذه الوجوه وان كان الخ (1):
لا يخفي عليك أن تخصيص المورد بالتوصليين وتقييده بعدم كونهما أو أحدهما تعبديا، تارة لجهة تناسب مباحث القطع، وأخرى لجهة تناسب هذا المبحث. ففي مباحث القطع لأجل تمحض المورد للمخالفة الالتزامية، إذ لو كانا تعبديين أو كان أحدهما كذلك وفعل لا بداعي القربة كانت المخالفة عملية، إذ لو كان حراما لفعله ولو كان واجبا لتركه حيث لم يأت به على وجهه، كما أنه إذا فعله بداع الامر وكان محتملا للتعبدية كان متضمنا للموافقة الالتزامية، إذ لا يمكن الفعل بنحو التعبدية إلا مع الالتزام بالحكم فلا يتمحض المورد للمخالفة