حقيقة الأحكام العقلية ثم انه لا بأس بعطف عنان القلم إلى بيان حقيقة الأحكام العقلية المتداولة في الكتب الكلامية والأصولية.
فنقول: ومن الله التوفيق أن القوة العاقلة كما مر مرارا (1) شأنها التعقل، وفعليتها فعلية العاقلية، كما في سائر القوى الظاهرة والباطنة، وليس لها ولا لشئ من القوى إلا فعلية ما كانت القوة واجدة له بالقوة، وأنه ليس للعاقلة بعث وزجر وإثبات شئ لشئ بل شأنها تعقل ما هو ثابت من ناحية غير الجوهر العاقل وأن تفاوت العقل النظري مع العقل العملي بتفاوت المدركات من حيث إن المدرك مما ينبغي أن يعلم أو مما ينبغي أن يؤتى به، أو لا يؤتى به فمن المدركات العقلية الداخلة في الأحكام العقلية العملية المأخوذة من بادي الرأي المشترك بين العقلاء المسماة تارة بالقضايا المشهورة وأخرى بالآراء المحمودة، قضية حسن العدل والإحسان وقبح الظلم والعدوان.
وقد بينا في مبحث التجري (2) من مباحث القطع في كلام مبسوط برهاني أن أمثال هذه القضايا ليست من القضايا البرهانية في نفسها، وأنها في قبالها، ونزيدك هنا أن المعتبر عند أهل الميزان في المواد الأولية للقضايا البرهانية المنحصرة تلك المواد في الضروريات الست مطابقتها للواقع ونفس الأمر، والمعتبر في القضايا المشهورة والآراء المحمودة مطابقتها لما عليه آراء العقلاء، حيث لا واقع لها غير توافق الآراء عليها.
قال الشيخ الرئيس في الإشارات (3): ومنها، الآراء المسماة بالمحمودة وربما