وربما يورد كما عن بعض أجلة العصر (1) عليه - قده - بان حجية السيرة منوطة بالعلم برضاء الشارع وامضائه، فعدم العلم به الحاصل من قبل كاف في عدم حجية السيرة وإن كان ثبوت الردع بالآيات مستلزما للدور.
ومبناه على أنه لا ملازمة بين حجية شئ عند العقلاء وحجيته عند الشارع فلا بد من امضاء الشارع، فالمقتضي للحجية امضاء الشارع، وثبوت عدم الردع أحد الطرق الكاشفة عن امضائه.
ومبنى شيخنا الأستاذ - قده - (2) في الاكتفاء بنفس عدم ثبوت الردع هو أن الشارع أحد العقلاء بل رئيسهم، فهو بما هو عاقل متحد المسلك مع العقلاء فهذا مقتض لاتحاد المسلك وردعه الفعلي كاشف عن اختلافه في المسلك وانه بما هو شارع له مسلك اخر.
ومن الواضح أن ردعه الواقعي لا يكون كاشفا عن اختلاف المسلك ليختل به الكاشف الطبعي عن اتحاد مسلكه مع العقلاء من حيث إنه منهم، فعدم وصول الردع كاف في الحكم باتحاد المسلك، لعدم المانع عن الحكم بالاتحاد، وهذا هو الصحيح.
ويمكن أن يقال في دفع الدور عن رادعية الآيات بأن مزاحمة العمومات مع السيرة الدالة على حجية خبر الثقة من باب مزاحمة تام الاقتضاء وغير تام الاقتضاء، لان العام حجة بالذات في مدلوله العمومي، لظهوره فيه، وتقديم الخاص عليه من باب تقديم أقوى الحجتين على أضعفهما، بخلاف السيرة فان أصل حجيتها الذاتية متقوم بعدم الردع الفعلي في مقام الاثبات، فمقتضى الحجية في السيرة في مقام الإثبات متقوم بعدم الردع الفعلي، فعدم الرادع جزء مقتضى الحجية إثباتا لا انه مانع عن الحجة المفروغ عن حجيتها، وعليه فمقتضى الحجية في العام تام ولا مانع من تأثيره إلا السيرة التي يتوقف مانعيتها على تمامية اقتضائها، ويتوقف تمامية اقتضائها على عدم رادعية العمومات عنها،