منزلة الواقع الواصل - بدعوى أن خبر العادل حيث إن مؤداه كان مبينا شرعا تنزيل لم يجب فيه التبين (1)، وخبر الفاسق حيث إنه لم يكن كذلك وجب فيه التبين، فالمدار على الواقع المبين - فاسدا: فإن التبين ليس لتتميم موضوع الحكم، ولا لتنجيز الواقع بالعلم بصدقه، بل لظهور الواقعية وعدمها، وعدم كونه لتتميم الموضوع واضح، وكذا عدم كونه للتنجيز، فإن الردع على الاعتماد على نبأ الفاسق ليس لأجل رعاية حال المكلف من حيث عدم تنجز الواقع بنبأ الفاسق، بل من حيث إنه يوجب وقوعه في خلاف الواقع وإصابة القوم بجهالة.
وأما آية النفر (2): فوجوب التحذر وإن كان بدل على ترتب العقاب على ما أنذروا، لكنه كما يحتمل أن يكون لتنجز الواقع بالخبر عنه، كذلك يحتمل أن يكون لجعل الحكم المماثل على طبق ما أنذروا، وعلى أي حال ليست الآية في مقام تتميم موضوع الحكم، بل إما في مقام جعل الحكم المماثل على طبق المخبر به أو تنجيز المخبر به بالخبر، وكذا غيرهما من الآيات.
وأما بناء العقلاء: فقد مر مرارا (3) أن بناء العقلاء عملا على مؤاخذة العبد إذا خالف ما أخبر الثقة به عن مولاه مثلا، لا على جعل الحكم المماثل، ولكن على أي تقدير ليس الخبر عندهم متمما لموضوع الحكم، فاحتمال تكفل أدلة حجية الخبر مثلا لتنزيل المخبر به منزلة القطع الموضوعي، أو تكفلها لتنزيله منزلة القطع الموضوعي والطريقي معا باطل. نعم: الأدلة تختلف من حيث دلالتها على تنزيل المخبر به منزلة الواقع بجعل الحكم المماثل، أو تنزيله منزلة وصول الواقع من حيث التنجز فقط، لا من حيث الجزئية للموضوع أيضا.
" في قيام الأصول مقام القطع " 23 - قوله: لوضوح أن المراد من قيام (4) إلخ:
بل المراد من قيام شئ مقام القطع إما هو القيام من حيث المتعلق بمعنى قيام