كان لا ينافي ورود الدليل على كون الفعل علة تامة لحصول الغرض فلا يستحب الإعادة إلا أن الفرق بين الإتمام في مورد وجوبه في نفسه والإتمام في موضع القصر بذلك مستبعد جدا، بل لا أظن أن يقول أحد بعدم استحباب إعادة الإتمام حتى في هذا المورد جماعة، فيعلم منه بناء على هذا المسلك أن الإتمام المأتي به أولا لم يكن علة تامة للغرض، وكونه علة تامة له إذا تعقبه القصر، وعدم كونه علة تامة إذا تعقبه الإتمام لا معنى محصل له إلا أن يقال إن في القصر مصلحتين، إحديهما، قائمة بذات الصلاة، وأخرى، بأول وجود منها يؤتى به في مقام أداء فريضة الوقت فالإتمام المأتي به أولا مفوت لمحل تلك المصلحة، فالإتمام وإن أمكن إعادته لتحصيل الغرض من طبيعي الصلاة بوجه أوفى إلا أن محل تلك المصلحة الأخرى حيث إنه أول ما يؤتى به بعنوان أداء فريضة الوقت فلا يمكن استيفاء تلك المصلحة القائمة بالقصر. ويشكل بأن لازمه عدم اشتمال القصر المأتي به ثانيا بعد اتيانه بنفسه أولا على تلك المصلحة بل على مصلحة طبيعة الصلاة فقط مع أن استحباب الإعادة أو المعادة لا يختص بخصوص تلك المصلحة والله العالم.
309 - قوله: " غايته أن يكون مضادا له وقد حققنا في محله " الخ:
لا يخفى عليك أن المحقق في محله عدم مقدمية الضد، لعدم ضده، وعدم الضد لوجود ضده لا عدم المقدمية بين سببي الضدين فان سبب أحد الضدين في مقام تأثيره منوط بعدم سبب ضده لتزاحمهما في التأثير، إذ لو كان السبب وحده لاثر في مسببه فلا يكون عدم تأثيره مع وجوده، كما لو كان وحده إلا لخلل في عليته التامة وإلا لزم انفكاك المعلول عن علته التامة، ولا خلل إلا لفقد المقتضى أو المعد والمفروض وجودهما.
فالخلل في شرط تأثيره وهو عدم المانع المزاحم له في تأثيره، ومن الواضح أن المتضادين بالذات هنا هما المصلحة القائمة بالاتمام والمصلحة القائمة