يكاد يخفى، كما سنوضحه إنشاء الله تعالى (1).
56 - قوله: والحجية المجعولة غير مستتبعة لإنشاء (2) إلخ:
توضيح المقام أن الحجية بمعنى الوساطة في الإثبات، تارة تلاحظ بالإضافة إلى الواقع، وأخرى بالإضافة إلى أثر الواقع، وحيث إن إثبات الواقع حقيقة غير معقول فلا محالة يراد إثبات الواقع عنوانا، والوساطة بكل من الوجهين، إما مجعولة بالاستقلال فتكون وساطة اعتبارية، وإما مجعولة بتبع (3) جعل حكم طلبي فتكون وساطة انتزاعية، فقوله " الخبر حجة " مثلا إظهار لاعتبار وساطته، وقوله " صدق العادل " مثلا جعل للحكم على طبق المؤدى بعنوان أنه الواقع، فالخبر واسطة في إثبات الواقع العنواني، ومصحح انتزاع هذه الوساطة ذلك الحكم المزبور بالعنوان المذكور، كما أن الحجية بمعنى الوساطة في تنجز الواقع، تارة تثبت اعتبارا بقوله " الخبر حجة "، وأخرى تثبت انتزاعا بقوله " صدق " إذا أنشأ بداعي تنجيز الواقع.
فنقول: أما الحجية المجعولة بالاستقلال اعتبارا فهي:
إما اعتبار المنجزية للواقع كما لا يأبى عنه عبارة الكتاب (4).
وإما اعتبار وصول الواقع بالخبر ومحرزية الخبر.
وإما اعتبار نفس مفهوم الحجية وهو كون الشئ بحيث يصح الاحتجاج به.
أما الأول: فإن أريد جعل الخبر موجبا للعقوبة على مخالفة الواقع المخبر به، فهو كجعل العقاب ابتداء على مخالفة ما قام عليه الخبر، فإنه أيضا يصحح انتزاع الحجية بمعنى المنجزية والموجبية للعقاب، وكلاهما غير معقول، إذ لا عقاب على مخالفة الواقع مع عدم الحجة عليه عقلا أو شرعا، فجعل الحجية بنفس جعل العقاب المتوقف على وجود الحجية دوري، وإن أريد من المنجزية جعل حيثية يترتب عليها الواقع فالكلام في تلك الحيثية إلا أن التعبير