الواقعية إذا كانت بحيث لو تفحص عنها لظفر بها كاف في تنجيز الواقع، فمع احتمالها قبل الفحص يشك في تحقق موضوع البراءة و ح لا مجال لاطلاقها وإن كان نفس عدم العلم الوجداني فهو قابل للاطلاق من حيث التمكن من الاستعلام إلا مثل قوله " ما حجب الله علمه عن العباد " (1) لا من حيث إن المراد به " ما حجب الله علمه " بعدم الوحي أو الالهام إلى النبي أو الوصي، ولا من حيث إن المراد به ما لم يأمر تعالى نبيه أو وليه بتبليغهما فإنهما أجنبيان عما نحن فيه.
إذ الكلام في الاطلاق وعدمه لا في الدلالة على البراءة وعدمها بل من حيث إن الحجب وإن شمل الحجب بالواسطة ولو بأسباب طارئة نظير قوله - ع - " ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر " (2) إلا أن الحجب هنا ليس بواسطة أسباب طارئة بل بترك الفحص من المكلف فهو الحاجب للتكليف عن نفسه لا هو تعالى شانه بواسطة الأسباب الطارئة فتدبر. وعليه فمقتضى الاطلاقات جريان البراءة شرعا - قبل الفحص وبعده - في الشبهة الحكمية والموضوعية فلا بد من التماس مقيد لها بالإضافة إلى ما قبل الفحص في الشبهة الحكمية.
فان قلت: المقيد لها عقلي، لأن الغرض من التكليف صيرورته باعثا أو زاجرا أو ناهيا بوصوله العادي، فسد باب وصوله العادي بالترخيص في ترك الفحص نقض للغرض وأما بعد الفحص فعدم وصول التكليف بعدم الطريق العادي المؤدي إليه لا بترخيص الشارع في الاقدام والاقتحام، بخلاف الشبهة الموضوعية، فان المفروض فيها وصول التكليف الكلي فليس ترخيصه في ترك الفحص عن الموضوع الجزئي سدا لباب الوصول المضاف إلى التكليف المجعول حتى يكون نقضا للغرض من الانشاء بداعي جعل الداعي بوصوله .