بأنه رسول فيما أرسل به لازم، وليس الكلام فيه على الفرض، بل الكلام في تحصيل العلم بما أخبر به وهو على الفرض غير الالتزام به على الاجمال إذا لم يعلم به تفصيلا وعلى التفصيل فيما إذا اتفق العلم به تفصيلا.
وتحقيق المقام: أن وجوب العلم بالمعاد واليوم الآخر يتصور على وجوه ثلاثة:
أحدها: العلم به على حد معرفة الله (تعالى) بحيث يكون وجوبه نفسيا بما هو هو.
ثانيها: العلم به بعنوان عارض كعنوان أنه من ضروريات الدين ومما أتى به الكتاب المبين وأرسل به سيد المرسلين (ص).
وثالثها: العلم به من حيث إنه مقدمة للاتيان بالواجبات والتجنب عن المحرمات.
اما الأول: فمعرفة اليوم الآخر بخصوصياته ليس كمعرفة الله (تعالى) بحيث يكون كمالا نفسانيا تكون صورة نورانية للنفس ويكون وجودا نوريا إضافيا للمبدء بصفاته وحياة للنفس وموجبا للابتهاج بشهوده (تعالى) أبدا في النشأة الآخرة ولا كمعرفة النبي والأئمة (عليهم السلام) حيث إنهم مشاكي نوره (تعالى) ومجالي ظهوره (تعالى) ولذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) " معرفتي بالنورانية معرفة الله " (1).
وعن خاتم النبيين (ص) من رآني فقد رأى الحق (2).
ومن الواضح أن العلم وإن كان نورا وكمالا للجوهر العاقل لكن شرف العلم بشرف معلومه فليس كل معلوم موجبا للسعادة الأبدية بحيث يكون شهوده موجبا للابتهاج به، لكونه أفضل موجود وأشرفه وأبهاه، ومما يشهد لذلك ان الدنيا مزرعة الآخرة (3) وان المعرفة هنا بذر المشاهدة هناك وهذا انما يكون في