مثله في الحكم وإن لم يرد بالرفض الخروج عن العمرة وإنما أراد إدخال الحج عليها فرفض أحدية العمرة لا اقترانها بالحج فهي على إحرامها في العمرة والحج مردف عليها والجماع في الحج في الطريق لا شك أن الإنسان لما كان مصرفا تحت حكم الأسماء الإلهية ومحلا لظهور آثار سلطانها فيه ولكن يكون حكمها فيه بحسب ما يمكنها حال الإنسان أو زمانه أو مكانه والأحوال والأزمان تولى الأسماء الإلهية عليها وإن كان كل حال هي عليه أو دخول الإنسان في ظرفية زمان خاص أو ظرفية مكان ما هو إلا عن حكم اسم إلهي بذلك فقد يتوجه على الإنسان أحكام أسماء إلهية كثيرة في آن واحد ويقبل ذلك كله بحاله لأنه قد يكون في أحوال مختلفة يطلب كل حال حكم اسم خاص فلا يتوجه عليه إلا ذلك الاسم الذي يطلبه ذلك الحال الخاص ومع هذا كله فلا بد أن يكون الحاكم الأكبر اسما ما له المضاء فيه والرجوع إليه مع هذه المشاركة ثم إني أبين لك مثالا فيما ذكرناه وذلك إنا نرى الإنسان يجتنب ما حرم الله على عينه أن ينظر إليه على انتهاكه حرمة ما حرم على أذنه من الإصغاء إلى الغيبة في حال انتهاكه حرمة ما حرم عليه من جهة لسانه من كذب أو نميمة مع إعطاء صدقة فرض من زكاة أو ندب متطوع بها من جهة ما أمرت به يده المنفقة وذلك كله في زمان واحد من شخص واحد الذي هو المخاطب من الإنسان المصرف جميع جوارحه القابل للأوامر الأسمائية في باطنه التي تحكم عليه وتمضي تصريف الجوارح بأمره لها فيما يراها تتصرف فيه وهو واحد في نفسه ذو آلات متعددة فلو لا تعدد هذه الآلات ما صح أن يحكم عليه إلا اسم واحد فوجود الكثرة التي سببها الآلات أوجبت له مع أحديته في نفسه قبول اختلاف أحكام الأسماء الإلهية عليه فيكون الإنسان منصورا من وجه مخذولا في حين كونه منصورا ولكن من وجه آخر والعين واحدة المصرفة المكلفة وهي النفس الناطقة ويكون عزيزا بالمعز في حال كونه ذليلا بالمذل لشخص ذي عزة له عنده مكانة فلقيه فأعزه فاعتز وفي تلك الحال عينها سلط عليه الاسم المذل شخصا آخر لا يعرفه فأذله فذل من جهة هذا وعز من جهة هذا في الزمان الواحد وحكمهما في آن واحد والقابل لهذين الحكمين واحد العين فلهذا الذي مهدناه أمر المحرم إذا جامع أهله أن يمضي في مقام نسكه إلى أن يفرع مع فساده ولا يعتد به وعليه القضاء من قابل على صورة مخصوصة شرعها له الشارع لأن صاحب الوقت الذي هو المحرم عليه أفعالا مخصوصة أوجبتها هذه العبادة التي تلبس بها هو الحاكم الأكبر واتفق أن هذا المحرم التفت بالاسم الخاذل إلى امرأته فجامعها في حال إحرامه فلما لم يكن الوقت له شرعا وكان لغيره لم يقو قوته فأفسد منه ما أفسد وبقي الحكم لصاحب الوقت فأمره أن يمضي في نسكه مع فساده وعاقبه بتلك الالتفاتة إلى الخاذل حيث أعانه عليه بنظره إلى امرأته واستحسانه لايقاع ما حكم عليه به حاكم الوقت أن يعيد من قابل فلو بطل وأزال حكمه عنه في ذلك الوقت ووقع الجماع بعد الإحرام وقبل الوقوف رفض ما كان واستقبل الحج كما هو ولم يكن عليه إلا دم لا غير لما أبطل فلما لم يزل حكمه منه بذلك الفعل أمر بإتمام نسكه الذي نواه في عقده وهو مأجور فيما فعل من تلك العبادة مأزور فيما أفسد منها في إتيانه ما حرم عليه إتيانه كما قال تعالى فلا رفث وهو النكاح ولا فسوق ولا جدال في الحج خرج أبو داود في المراسيل قال ثنا أبو توبة حدثنا معاوية يعني ابن سلام أخبرني يزيد بن نعيم أو زيد بن نعيم شك أبو توبة أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان فسأل الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما اقضيا نسككما وأهديا هديا ثم ارجعا حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا ولا يرى منكما واحد صاحبه وعليكما حجة أخرى فتقبلان حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا ولا يرى أحد منكما صاحبه فأحرما وأتما نسككما وأهديا فهذا ترجمان الحق الذي هو الرسول قوى الاسم الإلهي الذي هو حاكم الوقت وصاحب الزمان فيما يريده من إتمام هذه العبادة مع ما طرأ فيها من الإخلال وذلك أن الاسم الحاكم لا يسمع المحكوم عليه خطابه إياه لأن الله أخذ بسمعه عنه فقال لمن فتق الله سمعه لسماع كلامه وهو المعبر عنه بالرسول بلغ لهذا المكلف عني أن يمضي في فعله حتى يتم وذكر له ما قال وبينه لهذا الشخص لأن الرسول ما ينطق عن الهوى والمؤمن كثير بأخيه فقام الرسول مقام الحاجب المنفذ أوامر الملك صاحب الحكم هكذا هو في الحكم العام وأما في العالم الأخص فهو حكم نفس طبيعية على عقل إلهي رجع إليها من حيث علمه بأن لها وجها خاصا إلى خالقها فغاب عن التثبت
(٦٨٣)