التكبير المعلوم في الصلوات تؤذن بأمر زائد يعطيه اسم العيد فإنه من العودة فيعاد التكبير لأنها صلاة عيد فيعاد كبرياء الحق تعالى قبل القراءة لتكون المناجاة عن تعظيم مقرر مؤكد لأن التكرار تأكيد للتثبيت في نفس المؤكد من أجله مراعاة لاسم العيد إذ كان للأسماء حكم ومرتبة عظمى فإن بها شرف آدم على الملائكة فاسم العيد أعطى إعادة التكبير لأن الحكم له في هذا الموطن وبعد القراءة في مذهب من يراه لأجل الركوع في صلاة العيد وسبب ذلك أن العيد لما كان يوم فرح وزينة وسرور واستولت فيه النفوس على طلب حظوظها من النعيم وأيدها الشرع في ذلك بتحريم الصوم فيه وشرع لهم اللعب في هذا اليوم والزينة وفي هذا اليوم لعبت الأحابشة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف ينظر إليهم وعائشة رضي الله عنها خلفه صلى الله عليه وسلم وفي هذا اليوم دخل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مغنيتان فغنتا في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع ولما أراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين دخل أن يغير عليهما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهما يا أبا بكر فإنه يوم عيد فلما كان هذا اليوم يوم حظوظ النفوس شرع الله فضاعف التكبير في الصلاة ليتمكن من قلوب عباده ما ينبغي للحق من الكبرياء والعظمة لئلا تشغلهم حظوظ النفوس عن مراعاة حقه تعالى بما يكون عليهم من أداء الفرائض في أثناء النهار أعني صلاة الظهر والعصر وباقي الصلوات قال الله تعالى ولذكر الله أكبر يعني في الحكم فمن رآه ثلاث تكبيرات فلعوالمه الثلاثة لكل عالم تكبيرة في كل ركعة ومن رآه سبعا فاعتبر صفاته فكبر لكل صفة تكبيرة فإن العبد موصوف بالصفات السبعة التي وصف الحق بها نفسه فكبره أن تكون نسبة هذه الصفات إليه سبحانه كنسبتها إلى العبد فقال الله أكبر يعني من ذلك في كل صفة والمكبر خمسا فيها فنظرة في الذات والأربع الصفات التي يحتاج إليها العالم من الله أن يكون موصوفا بها وبها ثبت كونه إلها فيكبره بالواحدة لذاته بليس كمثله شئ ويكبره بالأربع لهذه الصفات الأربع خاصة على حد ما كبره في السبع من عدم الشبه في المناسبة فاعلم ذلك وأما رفع الأيدي فيها فإشارة إلى أنه ما بأيدينا شئ مما ينسب إلينا من ذلك وأما من لم يرفع يديه فيها فاكتفى برفعها في تكبيرة الإحرام ورأى أن الصلاة أقرت بالسكينة فلم يرفع إذ كانت الحركة تشوش غالبا ليتفرع بالذكر بالتكبير خاصة ولا يعلق خاطره بيديه ليرفعهما فينقسم خاطره فكل عارف راعى أمرا ما فعمل بحسب ما أحضره الحق فيه (وصل في فصل في التنفل قبل صلاة العيد وبعدها) فمن قائل لا يتنفل قبلها ولا بعدها ومن قائل بالعكس ومن قائل لا يتنفل قبلها ويتنفل بعدها والذي أقول به إن الموضع الذي يخرج إليه لصلاة العيد لا يخلو إما أن يكون مسجدا في الحكم كسائر المساجد فيكون حكم الآتي إليه حكم من جاء إلى مسجد فمن يرى تحية المسجد فلينتفل كما أمر في ركعتي دخول المسجد وإن كان فضاء غير مسجد موضوع فهو مخير إن شاء تنفل وإن شاء لم يتنفل (وصل الاعتبار في هذا الفصل) المقصود في هذا اليوم فعل ما كان مباحا على جهة الفرض والندب خلاف ما كان عليه ذلك الفعل في سائر الأيام فلا يتنفل فيه سوى صلاة العيد خاصة الفرائض إذا جاءت أوقاتها فإن حركة الإنسان في ذلك اليوم في أمور مقربة مندوب إليها وفي فرض ومن كان في أمر مندوب إليه مربوط بوقت فينبغي أن يكون له الحكم من حيث إن الوقت لذلك المندوب المعين فهو أولى به فلا يتنفل وقد ندب إلى اللعب والفرح والزينة في ذلك اليوم فلا يدخل مع ذلك مندوبا آخر يعارضه فإذا زال زمانه حينئذ له أن يبادر إلى سائر المندوبات ويرجع ما كان مندوبا إليه في هذا اليوم مباحا فيما عداه من الأيام وهذا هو فعل الحكيم العادل في القضايا فإن لنفسك عليك حقا واللعب واللهو والطرب في هذا اليوم من حق النفس فلا تكن ظالما نفسك فتكون كمن يقوم الليل ولا ينام فإن تفطنت فقد نبهتك (وصل في فصول الصلاة على الجنازة) الصلاة على الميت شفاعة من المصلي عليه عند ربه ولا تكون الشفاعة إلا لمن ارتضى الحق أن يشفع فيه ولم يرتض سبحانه من عباده إلا العصاة من أهل التوحيد سواء كان ذلك عن دليل أو إيمان ولهذا شرع تلقين الميت ليكون
(٥١٩)