الايمان هو الذي يعبد الله الذي وصفه الشارع والمؤمن المريض في إيمانه هو الذي يعبد الله الذي دل عليه العقل لا غير وقد نبهتك على أمر يتضمن عذر كل من اعتذر وإذا صح التوحيد فهو المطلوب من كل موجود فكيف إذا انضاف إلى ذلك أداء العبادات المشروعة في الحركات الخارجة والداخلة (وصل في فصل الأسباب التي تفسد الصلاة وتقتضي الإعادة) فاتفقوا على أنه كل من أخل بشرط من شروط صحة الصلاة عمدا أو نسيانا وجبت عليه الإعادة كاستقبال القبلة والطهارة بذلك أقول إلا أني أزيد في العمد من غير عذر (الاعتبار) شروط السعادة التوحيد أعني عدم الخلود في النار وشروط النجاة من كل مقام مهلك من مقام الآخرة ما لا تصح النجاة منه إلا بوجوده من غير نظر إلى الرحمة التي وسعت كل فإن قلب العارف أوسع من رحمة الله وإن كان وجوده من رحمة الله فإن رحمة الله يستحيل أن تسع الله فإن الله لا يتصف بأنه مرحوم وقلب العارف بالله يسع الحق كما قال وسعني قلب عبدي المؤمن فرحمة الله وسعت كل شئ وقلب العبد العارف يسع الحق والرحمة التي وسعت كل شئ ويسع كل شئ فهو الواسع المطلق والعلة في ذلك كون الوجود وجود الحق فتنبه يا غافل عن درك هذه المعاقل (وصل في فصل الحدث الذي يقطع الصلاة هل يقتضي الإعادة أم يبنى على ما مضى من صلاته) فذهب الأكثرون إلى أنه لا يبنى لا في الحدث ولا في غيره مما يقطع الصلاة إلا في الرعاف فقط ومنهم من قال ولا في الرعاف أيضا ومن قائل يبنى في الأحداث كلها والذي أقول به إن كل حدث يقطع الصلاة فلا يخلو إما أن يكون من الأحداث التي تنتقض معه الطهارة أو يكون من الأحداث التي تقطع الصلاة ولا تنتقض به الطهارة فإن كان مما يؤثر في الطهارة فإنه لا يبنى وإن لم يؤثر فإنه يبنى ولكن بشرط أن لا يزيد على ما لا بد من فعله في إزالة ذلك السبب القاطع للصلاة فإن زاد لم يبن وأعاد (وصل الاعتبار في ذلك) القاطع للمناجاة والحائل بينك وبين المشاهدة هل يؤثر في الدار الآخرة عند الرؤية بحيث أن يكون كالفراق بين الحلبتين أو لا يؤثر ولا تتصل الرؤية والمشاهدة فإن كان القاطع حدثا وهو ما يؤثر في الايمان فإنه لا يكون ثمرة لما تقدم له قبل هذا الحدث من المناجاة المشروعة فهو بمنزلة الذي لا يبنى وإن كان القاطع رؤية سبب واستناد إليه فإنه يجني ثمرة ما تقدم له من المناجاة قبل طروء هذا القاطع السببي وهو بمنزلة الذي يبنى بلا شك (وصل في فصل المصلي) إلى سترة أو إلى غير سترة فيمر بين يديه شئ هل يقطع الصلاة عليه أو لا يقطع فمن قائل لا يقطع الصلاة شئ ومن قائل يقطعها المرأة والكلب والحمار إذا مر بين يديه أو بينه وبين سترته والذي أقول به إن المار مأثوم وأن المصلي مأمور بأن يحول بينه وبين المرور ويدفعه ما استطاع فإن لم يفعل ولم يدفعه فالمصلي مأثوم والصلاة صحيحة بكل وجه والحد الذي يلزمه دفعه عنه هو حد موضع جبهته في سجوده من الأرض فإذا حال بينه وبين موضع سجوده فذلك المأمور بأن يدفعه ويقاتله وما زاد على ذلك فلا يلزم المصلي دفعه ولا قتاله والإثم يتعلق بالمار في القدر الذي يسمى بين يديه عند العرب إذ لم يحد الشارع في ذلك شيئا (الاعتبار في ذلك) الحق قبلة العبد فمن مر بين الله وبين عبده بنفسه لا بربه فوباله يحور عليه وللمصلي الذي هو المناجي أن ينبهه ويرده عن رؤية نفسه في ذلك فإنه مأمور بالنصيحة لله ولرسوله ولعامة المسلمين ولأئمتهم ولكافة الناس أجمعين فإن تعين عليه موضع النصيحة ولم ينصح كان آثما والمناجي على حاله صحيح المناجاة على كل حال وإن كان مأثوما فإن كان المار خاطرا يخطر له في حال صلاته بينه وبين ربه فإن كان في صلاة صحيحة بقلبه فمن المحال أن يمر به خلاف ما هو به بحسب الآية التي يكون فيها أو الذكر وأما غير ذلك فلا يجد منفذا وأما إن كان ساهيا عن نفسه ومرت الخواطر فلا يخلو في أول العقد والاستحضار إن كان حاضرا مع ربه فلا يبالي بما خطر له وصلاته صحيحة فإنه حاضر مع نفسه إنه مناج ربه فإن كان ممن يناجي ربه في كل شئ في حال صلاته كعمر بن الخطاب أو يرى أن كل شئ صادر عن الحق في حال مناجاته بينه وبين ربه كأبي بكر فصلاته في باطنه صحيحة
(٤٧٦)