انتقلوا من التشبيه بالمحدثات أصلا ولو قلنا بقولهم لم نعدل مثلا من الاستواء الذي هو الاستقرار إلى الاستواء الذي هو الاستيلاء كما عدلوا ولا سيما والعرش مذكور في نسبة هذا الاستواء ويبطل معنى الاستيلاء مع ذكر السرير ويستحيل صرفه إلى معنى آخر ينافي الاستقرار فكنت أقول إن التشبيه مثلا إنما وقع بالاستواء والاستواء معنى لا بالمستوى عليه الذي هو الجسم والاستواء حقيقة معقولة معنوية تنسب إلى كل ذات بحسب ما تعطيه حقيقة تلك الذات ولا حاجة لنا إلى التكلف في صرف الاستواء عن ظاهره فهذا غلط بين لا خفاء به وأما المجسمة فلم يكن ينبغي لهم أن يتجاوزوا باللفظ الوارد إلى أحد محتملاته مع إيمانهم ووقوفهم مع قوله تعالى ليس كمثله شئ (مسألة) كما أنه تعالى لم يأمر بالفحشاء كذلك لا يريدها لكن قضاها وقدرها بيان كونه لا يريدها لأن كونها فاحشة ليس عينها بل هو حكم الله فيها وحكم الله في الأشياء غير مخلوق وما لم يجر عليه الخلق لا يكون مرادا فإن ألزمناه في الطاعة التزمناه وقلنا الإرادة للطاعة ثبتت سمعا لا عقلا فأثبتوها فأثبتوها في الفحشاء ونحن قبلناها إيمانا كما قبلنا وزن الأعمال وصورها مع كونها أعراضا فلا يقدح ذلك فيما ذهبنا إليه لما اقتضاه الدليل (مسألة) العدم للممكن المتقدم بالحكم على وجوده ليس بمراد لكن العدم الذي يقارنه حكما حال وجوده أن لو لم يكن الوجود لكان ذلك العدم منسحبا عليه هو مراد حال وجود الممكن لجواز استصحاب العدم له وعدم الممكن الذي ليس بمراد هو الذي في مقابلة وجود الواجب لذاته لأن مرتبة الوجود المطلق تقابل العدم المطلق الذي للممكن إذ ليس له جواز وجود في هذه المرتبة وهذا في وجود الألوهة لا غير (مسألة) لا يستحيل في العقل وجود قديم ليس بإله فإن لم يكن فمن طريق السمع لا غير (مسألة) كون المخصص مريد الوجود ممكن ما ليس تخصيصه لوجوده من حيث هو وجود لكن من حيث نسبته لممكن ما تجوز نسبته لممكن آخر فالوجود من حيث الممكن مطلقا لا من حيث ممكن ما ليس بمراد ولا بواقع أصلا إلا بممكن ما وإذا كان بممكن ما فليس هو بمراد من حيث هو لكن من حيث نسبته لممكن ما لا غير (مسألة) دل الدليل على ثبوت السبب المخصص ودل الدليل مثلا على التوقيف فيما ينسب إلى هذا المخصص من نفي أو إثبات كما قال لنا بعض النظار في كلام جرى بيني وبينه فكنا نقف كما زعم لكن دل الدليل على ثبوت الرسول من جانب المرسل فأخذنا النسب الإلهية من الرسول فحكمنا بأنه كذا وليس كذا فكيف والدليل الواضح على وجوده وأن وجوده عين ذاته وليس بعلة لذاته لثبوت الافتقار إلى الغير وهو الكامل بكل وجه فهو موجود ووجوده عين ذاته لا غيرها (مسألة) افتقار الممكن للواجب بالذات والاستغناء الذاتي للواجب دون الممكن يسمى إلها وتعلقها بنفسها وبحقائق كل محقق وجودا كان أو عدما يسمى علما تعلقها بالممكنات من حيث ما هي الممكنات عليه يسمى اختيارا تعلقها بالممكن من حيث تقدم العلم قبل كون الممكن يسمى مشيئة تعلقها بتخصيص أحد الجائزين للممكن على التعين يسمى إرادة تعلقها بإيجاد الكون يسمى قدرة تعلقها بأسماع المكون لكونه يسمى أمرا وهو على نوعين بواسطة وبلا واسطة فبارتفاع الوسائط لا بد من نفوذ الأمر وبالواسطة لا يلزم النفوذ وليس بأمر في عين الحقيقة إذ لا يقف لأمر الله شئ تعلقها بأسماع المكون لصرفه عن كونه أو كون ما يمكن أن يصدر منه يسمى نهيا وصورته في التقسيم صورة الأمر تعلقها بتحصيل ما هي عليه هي أو غيرها من الكائنات أو ما في النفس يسمى أخبارا فإن تعلقت بالكون على طريق أي شئ يسمى استفهاما فإن تعلقت به على جهة النزول إليه بصيغة الأمر يسمى دعاء ومن باب تعلق الأمر إلى هذا يسمى كلاما تعلقها بالكلام من غير اشتراط العلم به يسمى سمعا فإن تعلقت وتبع التعلق الفهم بالمسموع يسمى فهما تعلقها بكيفية النور وما يحمله من المرئيات يسمى بصرا ورؤية تعلقها بإدراك كل مدرك الذي لا يصح تعلق من هذه التعلقات كلها إلا به يسمى حياة والعين في ذلك كله واحدة تعددت التعلقات لحقائق المتعلقات والأسماء للمسميات (مسألة) للعقل نور يدرك به أمور مخصوصة وللإيمان نور به يدرك كل شئ ما لم يقم مانع فبنور العقل تصل إلى معرفة الألوهية وما يجب لها ويستحيل وما يجوز منها فلا يستحيل ولا يجب وبنور الايمان يدرك العقل معرفة الذات وما نسب الحق إلى نفسه من النعوت (مسألة) لا يمكن عندنا معرفة كيفية ما ينسب إلى الذوات من الأحكام إلا بعد معرفة الذوات المنسوبة والمنسوب إليها وحينئذ
(٤٤)