وأما بالنظر إلى مقام الاثبات فربما يقال (1) بأن اطلاق دليل الواجب من حيث قطعات الزمان ومنها زمان النسيان معارض باطلاق دليل الجزئية والترجيح للثاني. بيانه أن مقتضى اطلاق دليل الواجب الزمان النسيان هو أن الامر بالصلاة موجود حتى في زمان النسيان، وحيث إن الامر بالمركب من المنسى وغيره غير معقول لعدم القدرة على ايجاد المنسى فلا محالة يكون الامر متعلقا بما عدا المنسى. ومقتضى إطلاق دليل الجزئية الوضعية لحال النسيان كون المنسى جزء للصلاة حتى حال النسيان، وحيث إن عدم القدرة على الجزء موجب لعدم القدرة على المركب فلا أمر بالمركب ولا دليل على أمر آخر بما عدا ذلك الجزء، فاطلاق دليل الجزئية لا مانع منه.
وفيه: أن الجزئية تارة، تلاحظ بالإضافة إلى الوفاء بالغرض وهي من الأمور الواقعية التي لا مدخل للعلم والجهل والذكر والنسيان فيها وأخرى، تلاحظ بالإضافة إلى مرحلة الطلب وكون الشئ بعض المطلوب وهذه حالها حال الامر بالمركب، لان مصحح انتزاعها هو الامر بالمركب، فإذا لم يعقل الامر بالمركب من المنسى وغيره لم يعقل جزئية المنسى بالجزئية الوضعية الجعلية التي بيانها وظيفة الشارع وحيث إن ظاهر الارشاد إلى الجزئية هي الجزئية شرعا لا واقعا فإنه أجنبي عن الشارع بما هو شارع وجاعل للأحكام، فلا محالة يكون حاله حال الامر النفسي التحليلي والمتعلق بالجزء من حيث اختصاصه بغير صورة النسيان وعدم القدرة.
ومما ذكرنا يتبين أنه لا فرق بين أن يكون لسان دليل الجزء لسان التكليف أو لسان الوضع، ولا فرق بين أن يكون دليل التكليف بالجزء متكفلا للتكليف الحقيقي الذي هو انحلال الامر المنبسط على الاجزاء، أو كان إرشادا إلى الجزئية الوضعية المعدودة من أحكام الوضع فإما أن لا يعقل الكل أو يعقل الكل بلا فرق بين الأقسام المزبورة.