المشهور والخلف على التحقيق وقد مر مرارا أن مقتضى النظر الدقيق عدم ورود ما تقدم من المحذور وربما يوجه ذلك بالالتزام بأمرين، أحدهما أمر عام بعنوان المكلف توطئة وتمهيدا لأمر آخر ثانيهما تقييد ذلك الامر بما إذا التفت المكلف إلى جزئيته بمقتضى الامر الأول فيكون ما أتى به الناسي مطابقا لذلك الامر العام بعد تقييده بما لا جزئية له إلا في حق الملتفت وفيه أن الامر الأول إن كان بداع البعث والتحريك الذي هو الحكم الحقيقي المقتضى للامتثال فلا محالة يكون منبعثا عن المصلحة القائمة بذوات الاجزاء في حق المكلف بعنوانه فكيف يقيد بالالتفات إلى جزئية بعض أجزائه في حق الملتفت إلى جزئيته. وإن كان لابداع البعث الحقيقي فهو غير منبعث عن مصلحة الفعل، ولا هو مناط الامتثال ليكون موافقته امتثالا من الناسي، فان الانشاء بداع التوطئة بنفسه مقدمة لأمر آخر لا يطلب منه إلا التوطئة لفعل الامر من دون مساس له ببعث المأمور. ويمكن أن يقال إن الامر الأول بداع البعث حقيقة وهو منبعث عن مصلحة الفعل المركب من الاجزاء من دون دخل للالتفات بكون الفعل ذا مصلحة بل الالتفات إلى الجزئية بهذا البعث دخيل في ترتب المصلحة على الفعل لا في اقتضائه لها، غاية الامر أن القيد سنخ قيد لا يجب تحصيله كما مر نظيره سابقا (1) فيشك حينئذ في شمول ذلك البعث العام بالإضافة إلى المنسى في حق الناسي فتدبر.
(٦٦٦)