يتصف بالحسن والقبح فعلا.
وإن كانا ملاكين للحكم المولوي، فهو لا يتصور في مثل عنوان التجري ونحوه، كما عرفت بل في مثل عنوان مقطوع الوجوب والحرمة، إما بنفسهما أو من حيث ملازمتهما (1) لعنوانين واقعيين هما ملاكان للحكم المولوي، فإن كان نفس عنواني مقطوع الوجوب أو مقطوع الحرمة ملاكا فهو كما سيأتي إنشاء الله تعالى حيث إنه عنوان محض لا أنه غرض من المأمور به أو المنهي عنه، فلا محالة يجب أن يصدر بعنوانه بالاختيار حتى يتحقق الإطاعة والعصيان وسيجيئ إنشاء الله تعالى أنه ليس كذلك دائما بل أحيانا.
وإن كان العنوان الملازم ملاكا، فإن كان أيضا عنوانا محضا فهو أيضا غير قابل للتأثير فضلا عن المزاحمة، للجهل به فضلا عن صدوره بالاختيار، وإن كان غرضا فهو قابل للتأثير، إذ لا يشترط في الأغراض الواقعية التي هي ملاكات الأحكام المولوية، أن تكون معلومة وأن تصدر بالاختيار، بل يكفي في اختيارية الفعل المتعلق للحكم، صدوره بنفسه بالاختيار، لكن حيث إن العنوان الطارئ الملازم لعنوان المقطوع كالعنوان الواقعي المؤثر بذاته في الحكم المولوي مجهول، فلا يمكن إحراز الغالب والمغلوب منهما، فتصور العنوان الواقعي المجهول (2) لا يكاد يجدي شيئا إلا في إمكان الحكم المولوي، لا في مقام تحقق التزاحم والحكم بغلبة أحدهما على الآخر.
ومن جميع ما ذكرنا تبين أن ما أفاده - شيخنا العلامة الأنصار - قده - في هذا المقام (3) أن قبح التجري ذاتي بمعنى العلة التامة أو بمعنى الاقتضاء من دون مانع عن تأثيره - لعدم صلاحية العنوان الواقعي المجهول للتأثير، حيث لم يصدر بعنوانه بالاختيار - إنما يصح فيما إذا كان التزاحم بين ملاكين للحسن والقبح العقلين وأما في غيره فالصحيح ما ذكرنا.