الآلي واللحاظ الاستقلالي في الاستحالة.
فإن قلت: بعد فرض التلازم بين الظن والمظنون لا حاجة إلى الكناية، بل تدل القضية بالمطابقة على ترتيب الأثر على الظن، وتدل بالالتزام على ترتيب الأثر على لازمه، وهو ذات المظنون، كما أخبر جدا في قوله " زيد كثير الرماد " عن كثرة رماده بالمطابقة، وعن جوده بالالتزام، فهناك قضيتان حقيقيتان (1).
إحديهما بالمطابقة والأخرى بالالتزام.
قلت: حيث إن ثبوت أحد المتلازمين يستلزم ثبوت الآخر، فلا محالة يكون الدال على ثبوت أحدهما بالمطابقة، دالا على ثبوت الآخر بالالتزام، سواء كانت الدلالة تصورية أو تصديقية، بخلاف موضوعية أحدهما لحكم، فإنه لا يستلزم موضوعية الآخر لذلك الحكم ولحكم آخر بوجه من الوجوه، بل لا بد من فرض الاستلزام بين التنزيلين والتعبديين كما في التقريب الآتي في كلامه من دون دخل للتلازم بين الظن والمظنون، كما هو مبنى هذا التقريب، ويمكن أن يقال إن ما هو لازم نفس صفتي القطع والظن هي الماهية في مرحلة تقوم (2) الصفتين بها، وهي في مرحلة الذهن (3)، وهذه لا حكم لها، وما لها حكم وهي الماهية المقطوعة أو المظنونة بالعرض لا لزوم لها مع القطع أو الظن إلا بلحاظ متعلقهما اللازم لهما في الحقيقة فانيا في مطابقه، فالأمر بالملزوم أمر بلازمه الفاني في مطابقه بنحو الكناية فتدبر جيدا.
ويمكن أيضا توجيه الإشكال المزبور حقيقة فيما إذا كان المظنون منزلا منزلة المقطوع، دون الظن منزلة القطع، فإن المظنون والمقطوع حيث إنهما عنوانان ووجهان لمتعلق الظن والقطع، فيمكن ملاحظتهما فانيا في ذات المظنون والمقطوع، كما يمكن ملاحظتهما بنفسهما، فلحاظ العنوانين على الأول آلي وعلى الثاني استقلالي، إلا أن الآلية والاستقلالية في اللحاظ إنما يصح إذا كان الحكم على الثاني مرتبا على عنواني المظنون والمقطوع مع أن موضوع الحكم