لانحلاله إليهما، فهما ملحوظان بالاستقلال، وينحل التنزيل الوحداني (1) إلى التنزيلين، فيكون أمرا بالبناء على الذات وعلى الخصوصية معا: مدفوع: بأن لحاظ الخاص بما هو لحاظ أمر واحد، وقبوله للانحلال إلى شيئين غير انحلاله فعلا إليهما وما لم يلحظ الذات والخصوصية كل منهما بالفعل بلحاظ محضه، لا معنى لاختصاص كل منهما بحكم فعلا.
بداهة أن تعدد الحكم بالفعل يستدعي تعدد الموضوع بالفعل، ومعنى قبول الحكم الوحداني للتعدد بالتحليل، تعدد انتسابه إلى أجزاء موضوعه عند ملاحظة كل جزء بنفسه، لا أن الحكم الواحد في الحقيقة أحكام متعددة لموضوعات متعددة، وليس التنزيل أمرا قهريا ليتوهم انحلاله قهرا إلى تنزيلين حقيقيين مع لحاظ الوحدة في طرف الموضوع حقيقة وملاحظة الخاص بما هو غير ملاحظة الذات والخصوصية بنحو الجمع في العبارة حتى لا ينافي مصداقية الإنشاء الواحد لأحكام حقيقية متعددة عقلا، كما في الحكم المتعلق بالعام الاستغراقي بنحو الكل الأفرادي.
ولا يقاس ما نحن فيه أيضا بالمطلق الشمولي مثل " أكرم العالم " بلحاظ طبيعي العالم بحده وترتيب طبيعي الحكم عليه، ولازمه عقلا تعلق كل فرد من طبيعي الحكم بفرد من طبيعي الموضوع، لأن الفارق وجود الجهة الجامعة بين تلك الأفراد دون ما نحن فيه، حيث لا جامع بين الذات والخصوصية بحيث تنطبق عليهما، فتدبر جيدا.
ومن جميع ما ذكرنا تبين عدم إمكان تكفل الدليل لتنزيلين بالإضافة إلى الواقع والقطع الموضوعي. وليعلم أن الإشكال إنما يتوجه بناء على أن حجية الأمارة ترتيب الأثر على مؤديها، وأما لو كانت الحجية بمعنى جعلها منجزة للواقع فالأثر المجعول أثر الخبر - مثلا - لا ذات المخبر به، فلا مانع من تنزيل الظن مثلا - منزلة القطع في جميع الآثار، فيكون تنجيزا للظن، كما أن القطع منجز