مواردها.
والجواب مبني على مقدمة، هي (1) أن اعتبارات الشارع ومجعولاته التشريعية على ثلاثة أقسام:
أحدها: اعتبار البعث والزجر ونحوهما، فإن الإنشاء بداعي جعل الداعي يصحح اعتبار الدعوة، ويصحح انتزاع الباعثية عنه، وهو حقيقة (2) إيجاد الداعي اقتضاء بحيث يكون داعيا فعليا عند انقياد العبد، فهو في الحقيقة جعل تكويني للداعي الاقتضائي، لكنه حيث صدر من الشارع بما هو ناظر إلى المصلحة الواقعية، فهو جعل تشريعي منه.
ثانيها: اعتبار الملكية والزوجية وشبهها من الأمور الوضعية وحقيقتها اعتبار معنى مقولي بحيث لو وجد بوجوده الحقيقي، كانت مقولة من المقولات كما حققناه في محله، ومثل هذا الاعتبار محقق للموضوع الذي يترتب عليه الآثار وليس بابه باب التنزيل، إذ ليس للملك المقولي أثر عذفي أو شرعي حتى يكون من باب تنزيل المعتبر منزلة المقولة في الأثر، بل تمام ما هو موضوع حقيقي للأثر نفس هذا المعنى المعتبر.
ثالثها: اعتبار المؤدى واقعا، واعتبار الأمارة علما بإنشاء الحكم المماثل للواقع أو للأثر المترتب على العلم بعنوان أنه الواقع أو بعنوان أنه علم، وبابه باب تنزيل المؤدى منزلة الواقع في الأثر أو تنزيل الأمارة منزلة العلم في أثره.
ولا يخفى أن المتمحض في كونه اعتباريا هو القسم الثاني دون الأول والأخير، فإن الأول إنشاء بداعي البعث لا أنه اعتبار البعث ابتداء كما أن الأخير جعل الحكم بلسان أنه الواقع لا اعتبار المؤدى واقعا، فالاعتباري المحض هو القسم الثاني الذي هو وجود اعتباري لمعنى مقولي.
إذا عرفت هذه المقدمة: فنقول إن اعتبار الإحراز في مورد الأمارة من القسم الثاني دون الأول وهو واضح ودون الأخير فإنه خلف، إذ المفروض أنه في قبال