استلزام المقدم للتالي بمنزلة الكبرى الكلية، فإذا كان استلزام المقدم للتالي عقليا كان ما هو بمنزلة الكبرى الكلية عقليا، ومن الواضح أن وضع المقدم، ربما يستند إلى شئ ووضع التالي إلى شئ اخر مثلا انخساف القمر مستند إلى الحس وحيلولة الأرض بينه وبين الشمس مستند إلى الحدس، لدخول هذا الحكم في الحدسيات اليقينية وكذا تغير العالم مستند إلى الحس، والحدوث مستند إلى البرهان، فدليل ذات الملزوم ليس دليلا على ذات اللازم بل دليل الملازمة عند وجود أحد المتلازمين دليل على الاخر.
فان معنى الملازمة ثبوت أحد الأمرين عند ثبوت الاخر، فبسبب الملازمة يحكم بثبوت أحدهما عند ثبوت الاخر، وما يرى من التلازم بين العلمين فهو من جهة ثبوت الملازمة بين المعلومين، لا أن العلم بأحدهما علة للعلم بالآخر ليكون سبب العلم بأحدهما سببا للعلم بالآخر.
لا يقال: ليس بابه باب التلازم ليرد عليه ما ذكر بل بابه باب تعيين ما هو الحجة بدليل الانسداد بالاجماع مثلا، فيكون تعيينا لما هو مدلول الدليل.
لأنا نقول: قد عرفت سابقا أن المقدمات عن اعتبار الخصوصيات لا اقتضائه (1)، فلا يعقل الدلالة عليه واقعا حتى يكون الاجماع مثلا معينا لما هو مقتضى المقدمات، فتدبر جيدا.
152 - قوله: لا يخفى أن الظن باعتبار ظن بالخصوص الخ:
قد عرفت سابقا في بيان مقتضى الدليل على الحكومة عدم تعين مظنون الاعتبار، لعدم كون الملاك فيه أقوى ليكون كالظن القوى حتى يكون له تعين عقلي ليصح الاشكال عليه شرعا إلى الكشف، ومنه ظهر ما في دعوى القطع بكونه حجة على أي حال فراجع ما تقدم.