بالكيفية الملموسة الشهية أو الحلاوة أو الرائحة الطيبة أو النغمة المطربة وتألمها بعكس ذلك، كما أن التذاذ القوة المتخيلة بتخيل اللذات الحاصلة أو المرجوة الحصول وتألمها بتخيل التذاذها والتذاذ القوة المتوهمة بادراك الآمال المطلوبة والأماني المرغوبة وتألمها بادراك أضدادها.
وأما لذة العاقلة بما هي عاقلة فبأن يتمثل (1) لها ما يجب تحصيله من الكمالات من أنواع المعارف والمطالب الكلية النافعة في نظام أمور دينه ودنياه وآخرته وتألمها بفقدها مع القدرة على تحصيلها وإهمالها، فان فقد ما هو كمال للقوة العاقلة يؤلمها دون ما هو أجنبي عنها، وادراك الظلم الكلى والعدل الكلى بتجريدهما عن الخصوصيات ودخولهما في المعقولات المرسلة إن لم يكن كمالا للقوة العاقلة لم يكن نقصا لها حتى يؤلمها.
وبالجملة افراد الاحسان أو الإسائة خارجا كل منهما له مساس بقوة من القوى، وعند نيله خارجا تحصيل ذلك القوة انبساط من نيل الاحسان خارجا أو انقباض من نيل الإسائة سواء كان مستحقا لذلك الاحسان أو لتلك الإسائة أم لا، وهذا أمر واقعي ولا دخل له بادراك القوة العاقلة لكي الاحسان وكلي الإسائة فهو نظير نيل القوة الذوقية للحلو أو المر ادراك القوة العاقلة لكي الحلو والمر، فان الأول هو الموجب للانبساط والانقباض مما هو حلو أو مر دون الثاني، وأما إدراك الاحسان الجزئي أو الإسائة الجزئية بقوة الخيال أو الوهم، فمع كونه أجنبيا عن القوة العاقلة بما هي قوة عاقلة ليس تأثيره في الانقباض والانبساط من جهة اشتمالها على مصلحة عامة أو مفسدة عامة بل يؤثر تصور الاحسان إليه اعجابا وانبساطا وإن لم يستحق احسانا، وكذا تصور الضرب والشتم يؤثر في انقباضه وتألمه وإن كان مستحقا لهما، وتصور ورودهما على الغير وان كان يؤلمه لكنه بسبب الرقة وشبهها لا من جهة كونه ذا مفسدة عامة.
ومنه يظهر أن حمل كلامه - قده - (2) على مطلق الادراك لتصحيح التأثير في