الإلتذاذ والتألم لا يجدى شيئا ولا يوجب كون الاستعجاب والاستغراب بالملاك الذي هو محل الكلام.
ثانيهما: ما أفاده - قده - (1) من أن الملائمة والمنافرة للعقل توجبان بالضرورة صحة المدح والذم، وذلك لما عرفت من أن دعوى الضرورة لا تصح إلا بالإضافة إلى ما هو خارج عن محل الكلام وهو تأثيرهما أحيانا في انقداح الداعي إلى مجازات الاحسان بجزاء الخير ومجازاة الإسائة بجزاء الشر كما مر تفصيله.
واما دعوى الضرورة بالنسبة إلى حكم العقلاء بصحة المدح والذم فهي صحيحة لكنها تؤكد ما ذكرناه من أنه لا واقعية لهما إلا بتوافق آراء العقلاء عليهما وحيث عرفت حقيقة التحسين والتقبيح العقليين فاعلم أن المراد بكونهما ذاتيين أو عرضيين ليس كونهما ذاتيين بالمعنى المذكور في باب الكليات الخمس ولا كونهما ذاتيين بالمعنى المسطور في كتاب البرهان (2) كما بينا وجهها في مبحث التجري (3) مفصلا بل بمعنى عدم الحاجة إلى الواسطة في العروض والحاجة إليها فمثل العدل والاحسان والظلم والعدوان بنفسهما لا من حيث اندراجهما تحت عنوان آخر محكومان بالحسن والقبح، بخلاف الصدق والكذب فإنهما مع حفظ عنوانهما يوصفان بخلافهما.
نعم كونهما ذاتيين لهما بمعنى آخر، وهو انهما لو خليا وطبعهما يوصفان بهما لاندراج الصدق تحت العدل في القول واندراج الكذب تحت الجور في القول دون غيرهما مما لا يتصف بشئ لو خلى ونفسه، فراجع مبحث التجري (4)، وهذا بناء على كون الحسن والقبح من قبيل الحكم بالإضافة إلى موضوعه واضح فكيف يعقل أن يكون الحكم المجعول منتزعا عن مرتبة ذات موضوعه، واما بناء على أنهما من الأمور الواقعية فهما من قبيل العرض (5) الغير المفارق والعرض